Site icon IMLebanon

الإطاحة بالبطاقة البيوميترية يتيح للقوى السياسية الحفاظ على تأثيرها في الناخب

الإصلاحات الإنتخابية أولوية باسيل.. ودين الـ٣ ملايين دولار يبرئه من تهمة الإثراء

الإطاحة بالبطاقة البيوميترية يتيح للقوى السياسية الحفاظ على تأثيرها في الناخب

السجال المستجد بين الوزيرين باسيل والمشنوق لن يكون له أي تأثير على علاقة «التيار» «بالمستقبل»

كان لا بدّ للسجال السياسي أن يبلغ مداه بين جبران باسيل ونهاد المشنوق. فالرجلان معروفان بحدة طباعهما الى جانب حنكتهما السياسية وديناميتهما. ولم يكن متوقعا ألا يردّ المشنوق على ما إتهمه به باسيل، وخصوصا في ضوء قول وزير الخارجية أن وزارة الداخلية تتلكأ في مسألة البطاقة البيوميترية (الممغنطة سابقا) التي نص عليها قانون الإنتخاب كحجر أساس في الإصلاحات التي رامها التيار الوطني الحر، الى جانب اللائحة الموحّدة للإقتراع. ومن نافل القول أن سيناريو إرجاء الإنتخابات لم يكن ليبصر النور لولا إشتراط التيار إقرانه بإقرار هذه البطاقة التي من وجهة نظره تمنع التأثير في الناخب والتزوير وتتيح لمسيحيي الأطراف إقتراعا فاعلا وحضورا وازنا متى تمكنوا أو مُكّنوا من الإقتراع في أماكن سكنهم.

من هذه الزاوية، يُفهم إستبسال وزير الخارجية في سعيه الى منع صرف النظر عن البطاقة البيوميترية، وهو ما دفعه ربما الى حد إستفزاز وزير الداخلية، وطلبه في إجتماع اللجنة الوزارية المختصة تبادل الوزارتين، كمؤشر على ان باسيل على قناعة بإمكان السير بهذه البطاقة، متخطيا المواعيد التي قال المشنوق انها لازمة للتمكن من تحقيق هذا الإلتزام تحت طائلة صرف النظر عنه، متى تم تخطي هذه المهل، وهو ما حصل.

وكان باسيل قد لمس قبل نحو شهرين فتوراً لدى مختلف القوى السياسية، وخصوصا «القوات اللبنانية» و»حزب الله» وحركة «أمل، حيال البطاقة الممغنطة، بعدما بادرت هذه القوى، أثناء النقاشات الوزارية الرسمية في السرايا الكبيرة، الى إقران تحقيق الإنتخاب على أساسها بالتسجيل المسبق للراغبين في الإقتراع في أماكن السكن. كانت الذريعة، ولا تزال، أن الماكينات الإنتخابية ستتأثر سلبا في حال عدم التسجيل المسبق. ورأى وزير الخارجية في ذلك إعترافا صارخا بعدم رغبة القوى المعارضة للبطاقة الجديدة في تحييد الناخبين عن التأثير الذي يمارس عليهم عند كل إنتخاب، وهو تأثير يتراوح بين الترغيب والترهيب، وسبق أن شاب عمليات الإنتخاب السابقة، وصبغها بعيب الحدّ من حرية الناخب.

لا ريب أن من يدرك عقل باسيل، يفهم تماما مرامي ذهابه في التصويب على وزير الداخلية حدّ الهجوم المباشر. ولا ريب أيضا أن السجال المستجدّ بينهما لن يتخطى هذه المسألة التقنية، بمعنى أنه لن يكون له أي تأثير لا علاقة التيار الوطني الحر بتيار «المستقبل، ولا على التفاهم الواسع والمتين المستمر بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري. ومن يقرأ الحديث الأخير للرئيس عون الى صحيفة «الراي» الكويتية، يقع تماما على مدى ترسّخ هذه العلاقة غير المصلحية، الابوية الى حد بعيد.

عموما، حال الإستنهاض السياسي الذي يحرص وزير الخارجية على زيادة جرعاته بإطراد، إرتباطا بمجموعة عوامل، في مقدمها السعي الى إلزام كل القوى السياسية بالإصلاحات الإنتخابية، بالطبع الى جانب التحشيد السياسي والحزبي، ترافق في اليومين الأخيرين مع ما كشف عن الحسابات المصرفية للرجل المتّهم منذ أن بدأ العمل السياسي، وخصوصا من العام ٢٠٠٥، بالثراء الفاحش وإقتناء طائرة وقصر في لندن، والإستحواذ على معظم عقارات مسقطه…

هذا الكشف الذي ظهّرته قناة «الجديد»، المعروفة علاقتها غير المستقرة مع وزير الخارجية، بيّن أن لباسيل حساباً جارياً مديناً في بنك بيبلوس بنحو ثلاثة ملايين دولار، بمعنى أن للمصرف في ذمة وزير الخارجية دينا مستحقا بفائدة مصرفية تقارب العشرين ألف دولار في الشهر الواحد، وهو رقم كبير. ويؤكد خبراء مصرفيون أنه من المستحيل أن تكون للرجل حسابات سرية أو محجوبة، وهو في الوقت عينه يفي بالإستحقاق الشهري لفائدة العشرين ألف دولار، ما يعني أن هذه الواقعة تنفي كل ما نُعت به لناحية الثراء الفاحش.

لكن الرجل يدرك أيضا أن ما بادر به لجهة رفع السرية عن حساباته المصرفية، ومن ثم إستجابة نحو ٥٠ مصرفا لكتابه هذا وتزويدها قناة «الجديد» بكشوف مفصّلة عن كل حساباته (تبيّن انها في ٤ مصارف، ومعظمها حسابات شيكات لا تتعدى مجتمعة بضعة آلاف من الدولارات)، لن يرفع عنه التهمة وسيظل يُرشق بها لغايات سياسية وشخصية وإنتخابية، رغم أن مبادرته غير مسبوقة وتُسجّل له على أنها إستثنائية على مستوى العمل السياسي، بدليل انها أربكت كُلاً من مصرف لبنان وجمعية المصارف، اللذين إحتارا بداية كيفية التعامل معها، قبل أن تقرر كل المصارف الإستجابة لطلب رفع السرية المصرفية لمصلحة قناة «الجديد».

وسبق لباسيل أن فعل الأمر نفسه مع «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، التي زودها بالكتاب عينه لكنها، على ما بدا، لم تذهب مذهب «الجديد»، ولم تكشف حساباته.