انتهت عملية الاستشارات النيابية التي أجراها الرئيس المكلف سعد الحريري، في قاعة مجلس النواب، في ساحة النجمة يوم أمس من دون ان يظهر على الملأ أي جديد، خارج سياق ما تم تداوله الاسبوع الماضي..
الاستشارات انتهت و»بدأ العد العكسي لسباق تأليف الحكومة العتيدة.. والرئيس الحريري سيعطي لنفسه ما يلزم من وقت لدرس ما آلت اليه الاستشارات مع التأكيد على الثوابت الرئيسية والمبدئية التي تم الاتفاق عليها بين الرؤساء الثلاثة، ميشال عون ونبيه بري سعد الحريري وتقوم على ضرورة «تعزيز التوافق الداخلي»، وتشكيل «حكومة وحدة وطنية موسعة، ولا تستثني أحداً..».
ليس من شك في ان الرئيس الحريري سيجد نفسه أمام لوحة مطالب صعبة وبالغة التعقيد، وهو يتمنى من كل قلبه ان تمر المسألة على خير، وبروح ايجابية لانجاز تأليف الحكومة التي أمامها مسؤوليات كبيرة في المرحلة المقبلة بأسرع وقت ممكن، خصوصاً وان العديد من القيادات المسؤولة والمعنية، ابدوا فاؤلهم بسرعة ولادة هذه التشكيلة الحكومية، آملين ان لا يتجاوز مخاض الولادة الحكومية فترة الشهر، حيث لا مصلحة لأي أحد بتأخير، او عرقلة ولادة الحكومة بوضع عصي الشروط والشروط المضادة في دواليبها..
لا أحد ينكر، ان الصراع العلني والمكشوف بين «الثنائي الماروني» («التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية») سيكون حاضراً، وبقوة في لائحة جوجلة المطالب.. وفي قناعة العديد من المتابعين عن كثب لهذه المسألة، فإن الرئيس الحريري سيكون في موضع حرج للغاية، خصوصاً لجهة حجم التمثيل وتوزيع الحقائب، ليس بين «القوات» و»التيار» فحسب، بل بين عديدين، من كتل ونواب، حيث يتم التداول بأن المشاركة في الحكومة موقوفة مبدئياً على حجم التمثيل النيابي، شرط ان لا يقل عدد أعضاء الكتلة عن أربعة، ما يؤدي حكماً الى استبعاد عديدين، كانوا ممثلين في حكومة تصريف الأعمال الحالية.. كما ان هناك جدالاً لافتاً حول ما سمي بـ»حصة رئيس الجمهورية»، مستقلة عن حصة «التيار الحر» الذي هو قائده الفعلي.. ناهيك بما يحكى عن دور خارجي في مسألة التأليف، وتحديداً مشاركة «حزب الله» في الحكومة العتيدة، وهو الحزب الذي قرر المشاركة الحيوية في الحكومة، ومعززاً ذلك بالاتفاق مع حركة «أمل» في اللقاء المطول والمتعدد العناوين، الذي تم اواخر الاسبوع الماضي بين الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله، وخلص الى «مقاربة شاملة ومعمقة» للملفات الادارية والمالية والادارية.. ووجوب تفعيل المؤسسات الرقابية، مثل هيئة التفتيش وديوان المحاسبة ومجلس شورى الدولة وادارة المناقصات وغير ذلك، معطوفاً على طلب الحزب تولي «وزارة تعنى بالتخطيط».
يصر الرئيس سعد الحريري على عدم استبعاد أي فريق عن الحكومة وفي المقدمة «القوات اللبنانية» التي أعاد رئيسها سمير جعجع فتح معابره مع «بيت الوسط» ولو بحدود وهو – أي الحريري – سيترك لنفسه بعض الموقت لدراسة وجولة ما آلت اليه استشارات يوم أمس.. ويتطلع الى ما حوله في الداخل وفي الخارج ليكون القرار النهائي، بعيداً عن أية ضغوطات او شروط او شروط مضادة.. كما ويتطلع الى اعادة ترميم العلاقات مع القوى السياسية كافة، بالنظر الى ان الظروف الدولية والاقليمية والداخلية، كما التزامات لبنان تفرض التوافق، كما السرعة في انجاز التأليف.. وهو (أي الحريري) خلال اليومين الماضيين، وبعيداً عن الاعلام، أجرى اتصالات مباشرة، وغير مباشرة مع عديدين، من أجل النظر الى تأليف الحكومة ودورها والمهمات التي تنتظرها، بعيداً من المحاصصات وبعيداً من سياسة «أنا أو لا أحد..»؟! التي يعتمدها البعض.
لم يستسلم الرئيس الحريري للضغوطات الخارجية، الدولية كما والاقليمية كما لم يستسلم لشهيات البعض المفتوحة على مداها بل على العكس من ذلك.. وهو خلال جولته على رؤساء الحكومات السابقين اكد، وعلى المكشوف، ومن دون اللعب على الالفاظ «اننا نريد حكومة تكون قائمة على التوافق الوطني، على العناوين العريضة وحتى على بعض التفاصيل، ونعمل بالروحية والايجابية نفسها التي عملنا على أساسها خلال السنة ونصف السنة التي مرت..» معتبراً ان الضغط الاقليمي سيسرع تشكيل الحكومة مادام هناك تفاهم داخلي.. آملاً ان يتم التفاهم مع الجميع و»يكون لكل فريق حصة يستحقها..».