IMLebanon

ولادة الحكومة تنتظر حل عقد توزيع الحقائب؟!

قد يكون من المبالغة القول، او الادعاء، بأن لبنان –  اقله راهنا – ليس في صلب اهتمامات الادارة الاميركية، التي تشهد بداية «نقلة نوعية» مع انتخاب دونالد ترامب رئيسا…

على مدى عقود من الزمن، لم يكن لبنان في حسابات الادارة الاميركية مهمشا، رغم صغر حجمه وقلة عدد سكانه وتضاؤل امكاناته … وهو ليس جزيرة منعزلة عن محيطه وما يجري فيه من تطورات  و»حروب كونية» كما وان دوره البالغ الاهمية  في مواجهة الكيان الاسرائيل وموقعه الجغرافي، رفعه الى مرتبة اولوية  هذه الادارة، وهو الكيان – اي لبنان – الموصوف لدى عديدين بــ «الخاصرة الضعيفة» الغني بتنوعاته وبعجنته البشرية ذات «الانقسامات العمودية والموزعة على العديد من المحاور الدولية – الاقليمية، ما جعله ارضا خصبة مفتوحة على كل الاهتمامات، ولصراع اجهزة المخابرات التي جعلت منه «غرف عمليات» ومحطات لتبادل المعلومات وارسال الرسائل المشفرة وغير المشفرة وان تحت سقف امني مضبوط بقرارات دولية – اقليمية خلاف ما يجري في المحيط الاقليمي المباشر، وتحديدا في سوريا والعراق…

لم يكن لبنان بعيدا عن تأثيرات  ما يجري وعلى كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية بل والى حد ما «الامنية» وهو «وبقدرة قادر» استطاع ان يتجاوز  مرحلة «الشغور الرئاسي» الذي طال لمدة سنتين ونصف السنة، وانتخب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وجرى تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف حكومة، بغالبية اصوات نيابية غير مسبوقة…

ما لم يؤخذ بالسيف وبالبارودة وبالسلاح، يؤخذ  بالسياسة والضغوط اللامحدودة …. وكثيرون باتوا يرتابون من ان يكون وراء الاكمة ما وراءها وهم يتطلعون بحذر الى ما ستؤول اليه المشاورات التي يجريها الرئيس المكلف سعد الحريري من نتائج لتشكيل حكومة «الوفاق الوطني» التي باتت «ضرورة الضرورات لاستكمال مشروع ابعاد لبنان عن المحيط الملتهب واعادة الحياة للدولة وسائر المؤسسات وانعاش الاقتصاد المأزوم والوضع المعيشي لغالبية اللبنانيين الذي بات على «كف القدر»….

يذهب البعض الى توجيه نصيحة الى «اهل السياسة» في لبنان،  خلاصتها … اخذ العبر من الانتخابات الرئاسية الاميركية وما آلت اليه، حيث اثبتت النتيجة ان «المزاج الشعبي قابل للتغيير ولا تحده توقعات او حدود…» وقد وضعت كتلة «المستقبل» يدها على أحد المفاصل ودعت الافرقاء كافة للالتزام «بالواقعية السياسية» بما يعجل في تأليف الحكومة…» هذا في وقت يتطلع فيه الرئيس عون الى لقاء يجمع بين بري والحريري…؟!

الرسالة واضحة الاتجاهات والاهداف، والتصويب هنا على القوى السياسة التي تستند الى «حيثية شعبية» واسعة ووازنة، يجعلها تتمسك بمواقفها من مسألة تأليف الحكومة التي بدأت تحاط بسلسلة  من السيناريوات غير البريئة على الرغم من اعلان البعض من المتهمين بالعرقلة  ان  «الاجواء ايجابية» كما وعلى الرغم من رغبة الغالبية انجاز التأليف قبل عيد الاستقلال كي لا تمر المناسبة والدولة غائبة على ما جرى في الاعوام الماضية.

ليس من شك في ان مهمة الرئيس الحريري في تأليف الحكومة ليست سهلة، وهو يواجه من «الاصدقاء» كما من «الخصوم» بشروط لا يمكن التسليم بها،  بالنظر الى ما يمكن ان تتركه  – هذه  الشروط –  من تداعيات على الحكومة سواء اكانت من 24 وزيرا ام 30 ام 32 وزيرا؟!

يرى عديدون، ان هناك محاولة  لتفخيخ العلاقات بين الرئيس الحريري واخرين، بقصد احداث خلطة سياسية جديدة، مخالفة لتلك التي ساهمت في انجاز التوافق الرئاسي… ولم يعد سرا ان «القوات اللبنانية» وفرت بمطالبها الوزارية مادة للساعين الى تفخيخ العلاقات مع الرئيس الحريري وهم موزعون بين ما كان يسمى 8 اذار و 14 اذار…

اللافت ان «القوات اللبنانية»  لم تعد تختبئ وراء الجمل والمفردات  الغامضة والقابلة للتأويل والاجتهاد، فقد اعلنت وعلى لسان اكثر من قيادي  مسؤول فيها انها «تريد حصة وازنة في الحكومة … حصة تعبر عن حقيقة وزنها» خصوصا وان هؤلاء لا يترددون في القول «ان حجمها (اي «القوات») اكبر من كتلتها النيابية…» من دون تقديم دليل على ذلك، والافرقاء في «المارونية السياسية» كافة لا يسلمون بهذه الخلاصة؟!

تصوب «القوات» على عدد  من الحقائب الوزارية، وهي ترفض ان تكون حصتها اقل من حصة «التيار الوطني الحر» الذي يتباهى بانه الاكثر تمثيلا  للمسيحيين (19 نائبا) في حين ان عدد نواب «القوات» هو ثمانية نواب وعدد نواب «الكتائب» هو خمسة… ناهيك بــ «المستقلين» المشكلة ليست هنا فقط  بل هي في نوعية الحقائب التي تتمسك «القوات» بحقها في ان تكون لها وزارة  المال لتتمكن من مراقبة سائر الوزارات…. الامر الذي فتح النار على الرئيس نبيه بري وحليفه «حزب الله» اللذين يتمسكان برفض اعطاء «القوات» حقيبة المال او الدفاع خصوصا وان «القوات»  تصر على اعادة طرح  مسألة  «الاستراتيجية الدفاعية على طاولة مجلس الوزراء ما دفع الرئيس بري الى القول امام زواره: ليخيطوا بغير هالمسلّة»؟!

يعتصم الرئيس الحريري بالصمت ازاء ما يجري، وقد توافرت لديه معطيات كافية، وهو يحاذر اي «دعسة ناقصة» مع اولى حكومات العهد الجديد …. من غير ان يعرف ما اذا كانت خطوط التواصل مع عين التينة «سالكة وآمنة» ام لا … في حين لم يتردد رئيس «القوات» من زيارة «بيت الوسط» وكشف كل ما لديه وما يتطلع اليه امام الرئيس الحريري الذي قيل انه اوفد الوزير ميشال فرعون الى معراب، وعاد وكله «امل بتسهيل تأليف الحكومة الذي تابع مستجداته مع الحريري وجعجع…»