لا ندّعي ولا نزعم ان لدينا معلومات أو علاقات مع مراكز صنع القرار، وبالتأكيد ليس لدينا علم الغيب، إنما من خلال ما يُنشر في مختلف مواقع ومراصد الإعلام من مقالات وتحليلات، نرى ان الحدث السياسي والانطباعات وغربال المنطق والموضوعية، كلها تشير الى أمر واحد فقط وهو ان ظاهر المشهد السياسي لا يعكس أبدا ما يدور في باطن الاتصالات واللقاءات والاجتماعات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية، محليا وإقليميا ودوليا.
وتأسيسا على ما نقوله أعلاه بإمكاننا أن نشير الى التالي:
1- نقدّر ان جوهر وحقيقة ومضمون معظم الاتصالات واللقاءات الجارية منذ أكثر من ثمانية شهور، ليست هي حول اسم الرئيس، بل ما يمكن أن يقبل به هذا الرئيس العتيد ويعطي «أوكي» مسبقة على مجموعة مسائل جوهرية واستراتيجية تتعلق بمسائل النفوذ والتأثير وتركيبة النظام السياسي إضافة الى رسم استراتيجيات للبلد تتناسب مع ما تفرضه التحوّلات الجارية في الإقليم.
إذن «الشباب» (قوى سياسية ونواب وأحزاب وتيارات ونُخب)، معظم تصريحاتهم وبياناتهم لا تمتّ بصلة لحقيقة ما يناقشونه مع هذا المسؤول الدولي أو ذاك المبعوث الرئاسي، أو حتى فيما بينهم («الحوار» هناك توجسّ وشكوك من بعضهم حول طرحه في هذه الآونة الحرجة)..
وهنا، باختصار شديد نعرض أهم المسائل التي تقلق الجميع وهي شغلهم الشاغل بل هي قد تكون حقيقة محور نقاشاتهم الداخلية، وهي التالية:
1- المشهد والدور القادم لسلاح حزب الله.
2- تفاهمات قد يطلبها حزب الله حول ملفات وقضايا يراها مهمة وأساسية وجوهرية تتعلق باستراتيجيته، وهنا قد يكون «الحزب مستعدّا أن يبقى متمسّكا بفرنجية حتى تجفّ البحار» ولا يتنازل عن ما يرسمه لمشهد مصالحه، وهذا ما يعيق إعادة تركيب البلد.
3- القوى الاقليمية والدولية، وكل واحدة من هذه الأطراف لا تعطي أولوية لاستقرار البلد وانتظام عمل مؤسساته أو حتى كرامة ولقمة عيش المواطن اللبناني، بل ما يهمّها ملفات محددة تتعلق بأمور ثلاث وهي التالية:
١- الكميات الهائلة من الغاز والنفط على سواحل لبنان وكيفية وضمان إيصالها الى الغرب.
٢- مسائل حسّاسة جدا جدا، وذلك لكل الأطراف الداخلية والخارجية، وهي مسائل الوجودين السوري والفلسطيني (توطين الثاني، و«دمج» الأول)، خصوصا اننا في مرحلة «تظبيط المنطقة» بين الأطراف الدولية والاقليمية وانعكاس كل ذلك على أمن إسرائيل.
٣- أما دول الإقليم ما يهمّها في اللعبة أيضا أمور محددة وهي التالية: فمنها همّها الأول فقط هو الحفاظ على أمنها القومي بمفهومه الكبير والحديث، ومنها من تريد إبقاء وتعزيز نفوذها السياسي والثقافي في هذا البلد، ومنها الأخرى من تريد، معنويا واستراتيجيا، أن تبقى بيروت منفس اقتصادي لها.
هذا ما يخبرنا الحدس، بعد أن قمنا بالتنقيب في «بحار» ومحيطات «المواقف والردود والتحليلات»، عسى غدا في القريب من أزمان هذا البلد المخطوف أن تصدر المذكرات الشخصية لأحدهم أو نشر كتب رصينة تخبرنا ما يدور في هذا البلد، وما هي مكونات الصندوق الأسود، الذي يصنعه ساساته، وأصبحت قلوب «شعوبه» سوداء بسبب إذلال وإقصاء لكرامتهم الإنسانية.