Site icon IMLebanon

اليوم الأسود

للمرة الألف يسأل اللبنانيون عامة والمسيحيون خاصة ماذا يريد العماد عون من النزول إلى الشارع بعد تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية أكثر من أربعة عشر شهراً، والتسبّب في تعطيل مجلس النواب بالرغم من التظاهر باعتراضه على هذا التمديد، والمحاولات المستميتة التي يبذلها هذه الأيام لتعطيل عمل الحكومة حتى في المسائل المتعلقة بالمواطنين وحملها بالتالي على الاستقالة بحيث تتحوّل الى حكومة تصريف أعمال ويكون بذلك نجح في تعطيل كل المؤسسات الدستورية التي تشكّل الدولة اللبنانية، فهل يريد من ذلك تفريغ الدولة من كل مؤسساتها بحيث يصبح مطلب حزب الله بتشكيل هيئة تأسيسية لإعادة النظر في تكوين الدولة أمراً واقعاً لا مفرّ منه ليدخل بعدها لبنان في مرحلة من الفوضى والمطالب المختلفة من الانقلاب على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين إلى المثالثة وما أدراك ما المثالثة إلى مواجهة الخطر الداهم على وجود لبنان دولة تعددية تعيش فيها جميع طوائفه ومكوناته بسلام، وأكثر من ذلك هل يريد رئيس التيار الوطني الحر الذي ينادي أنصاره الذين نزلوا إلى الشارع بأن لا بديل عنه في رئاسة الجمهورية وتحريض الشارع السنّي على النزول بدوره إلى الشارع ليغرق البلد كلّه في فوضى عارمة قد تتحوّل إلى حرب أهلية كتلك التي عاشها اللبنانيون بدءاً من العام 1975 ولم تتوقف إلا بعد اتفاق الطائف الذي حقق المشاركة الفعلية بين المسلمين والمسيحيين والتي شكلت أحد الأسباب الرئيسية لاشتعال تلك الحرب التي استمرت أكثر من خمسة عشر عاماً، وكادت أن تطيح بالدولة اللبنانية المتميّزة، ويتحوّل هذا البلد النموذجي إلى مجموعة كانتونات طائفية ومذهبية ضعيفة تتنازع في ما بينها على السلطة مما يريح إسرائيل التي لا تريد أن يبقى لبنان دولة ديمقراطية تعددية في هذا الشرق، مما يؤثر على وجودها كدولة عنصرية لا تقبل الآخر ولا تعترف بغيرها.

أما أن يقول رئيس التيار البرتقالي أن الهدف من ثورته ونزوله إلى الشارع لاستعادة حقوق المسيحيين التي سلبها منهم المسلمون فهذا كلام قديم مرّ عليه الزمن وهو لا ينطلي على الشارع المسيحي الذي يعرف حقيقة أهداف رئيس التيار الوطني الحر الشخصية وعقدته التاريخية في الوصول إلى رئاسة الجمهورية بدليل عدم تجاوب الأكثرية الساحقة من المسيحيين مع دعوته للنزول إلى الشارع والذين لبّوا النداء لا يتجاوز عددهم المئات من المرتزقة ومن الذين يعيشون عقدة العودة إلى الامتيازات التي كان يتمتع بها المسيحيون والموارنة تحديداً قبل الوصول إلى اتفاق الطائف وإرساء قاعدة المناصفة والمشاركة الفعلية والحقيقية بين المسلمين والمسيحيين، وإذا كان رئيس تكتل التغيير والإصلاح يعتبر هذا اليوم (أمس) يوماً تاريخياً بالنسبة لتياره، فإن أكثرية اللبنانيين وأكثر المسيحيين بشكل خاص يعتبرونه يوماً أسودَ في تاريخ لبنان.