تحذيرات اللواء إبراهيم من الآتي تستوجب تفاهمات للمأزق الرئاسي
تقدّم حادث الاعتداء على دورية للوحدة الإيرلندية العاملة في نطاق قوات الطوارئ الدولية، في منطقة العاقبية، ومقتل أحد عناصرها وجرح آخرين، الملفات الداخلية، بالنظر إلى كونه تطوراً أمنياً بالغ الخطورة، وعلى نحو غير مسبوق منذ سنوات، بما يحمله من رسائل إلى القوات الدولية. وهذا الحادث الخطير الذي أثار ردود فعل رافضة ومستنكرة، في الداخل والخارج، يثير الكثير من التساؤلات، في توقيته وأبعاده، ويحمل في طياته تداعيات بالغة السلبية، بما تضمنته من رسائل إلى قوات الطوارئ الدولية، وما نتج عنه من قتلى وجرحى، بعد حديث عن زيارة قد يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لجنود بلاده في عطلة الأعياد. وهذا الاعتداء على دورية للوحدة الإيرلندية، لا يمكن فصله برأي أوساط سياسية، عن رسائل التهديد التي تتعرض إليها قوات «يونيفيل» بين الحين والآخر، لتقييد تحركاتها في مناطق الجنوب، ومحاولة شل قدرتها على القيام بواجباتها، في إطار ما نص عليه القرار 1701.
وإذ تسارعت الدعوات لإجراء التحقيقات من أجل معرفة ملابسات ما جرى، وكشف الفاعلين والمتورطين، خشية تكرار مثل هذا الحادث في غير منطقة من الجنوب، فإن الأوساط رأت في ما جرى، تحولاً نوعياً خطيراً إلى أقصى الحدود، في ما يتصل بعمل القوات الدولية، ما يفرض على الجيش اللبناني اتخاذ كل الإجراءات التي تحول دون تكراره، وأن يقوم بالجهود اللازمة، لمنع أي اعتداء آخر على عناصر «القبعات الزرق»، في إطار تأمين الظروف الملائمة للقيام بعملها، ضمن نطاق ما نص عليه القرار الدولي. وإن أشارت الأوساط، إلى أن هذا الحادث، يشكل رسالة أيضاً إلى الخارج، في سياق الرسائل التي اعتاد الحزب أن يوجهها إلى الخارج في المنعطفات السياسية الدقيقة.
وفيما انشغل الوسط السياسي بتعقب ترددات الرسالة الدموية ضد «اليونيفل»، لم تخرج جلسة الانتخابات الرئاسية العاشرة بأي جديد، على وقع ارتفاع غير مسبوق في سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء، على طريق الخمسين ألفاً، ما ينذر ببلوغ الأزمة مرحلة شديدة التعقيد، من دون بروز ملامح أي تفاهمات داخلية، مع طي صفحة الحوار بين الفرقاء، وغياب المعالجات التي قد تفضي إلى توافق حول الرئيس العتيد. ولا يبدو أن هناك حتى الآن أي مسعى خارجي، من شأنه أن يعمل على تعبيد الطريق أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية، باستثناء ما تشهده العاصمة القطرية الدوحة، من زيارات لمسؤولين لبنانيين، على صلة بالأزمة اللبنانية، وتحديداً ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية.
وفي حين لم يحدد رئيس مجلس النواب نبيه برّي، بعد انتهاء الدورة الأولى من جلسة انتخاب الرئيس العاشرة، موعداً للجلسة المقبلة، أشارت مصادر نيابية، إلى أن «الجلسات الانتخابية رُحلت إلى السنة الجديدة، باعتبار أن الأمور لا زالت تراوح، ولن يحصل أي تطور إيجابي، بانتظار ما ستحمله الأسابيع المقبلة من تطورات على هذا الصعيد»، مشددة على أن «هناك تعويلاً على الحراك القطري الجاري، من أجل تجاوز العقبات الموجودة، وبما يسمح بانتخاب رئيس توافقي، بعدما سلم الجميع بهذا الخيار»، في وقت ينتظر أن يعقد اجتماع تشاوري، اليوم، لمجلس الوزراء، لفتح صفحة جديدة والاتفاق على آلية بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية.
تعويل على الحراك القطري لتجاوز العقبات وانتخاب رئيس توافقي
وبين طي صفحة الحوار الذي دعا إليه الرئيس بري، بسبب رفض عدد من المكونات المسيحية، وبين استمرار السيناريو التعطيلي لجلسات الانتخابات الرئاسية، فإن الشغور مرشح لأن يطول لأشهر عديدة، طالما أن كل فريق لا يريد تقديم تنازلات تسمح بالتوافق على شخصية تلقى قبولاً من القوى السياسية والمكونات النيابية. فلا المعارضة في وارد التخلي عن ترشيح النائب ميشال معوض، ولا الموالاة مستعدة للسير بغير المرشح سليمان فرنجية رئيس «تيار المردة». وهذا ما يجعل الانتخابات الرئاسية موضع تجاذب بين سائر الأطراف، ولا يمكن تالياً التكهن بالمدى الزمني للتعطيل القائم، مع كل ما يمكن أن يحمله من تداعيات خطيرة على البلد، في وقت دعت أوساط سياسية إلى أخذ كلام المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على محمل الجد، بالنظر إلى المخاطر التي تتهدد لبنان على مختلف الأصعدة، إذا بقي كل طرف متمسكاً بمواقفه، ولم يُقدّم تنازلات من شأنها تسهيل عملية الانتخابات الرئاسية، وتخفف عن اللبنانيين أعباء مرحلة، هي الأخطر على هذا الصعيد.
ولا ترى مصادر مسيحية معارضة، أن «أي حوار بشأن الانتخابات الرئاسية سيجدي نفعاً في ظل الوضع الراهن، لأن طريق الحل معروف، وهو أن الدستور واضح ويقول بانتخاب رئيس للجمهورية، وليس بإقامة حوار من أجل هذا الانتخاب. وبدل أن يدعو رئيس المجلس إلى مثل هكذا حوار، فليطلب من حليفه حزب الله أن يسمي رئيساً للجمهورية عوض الاقتراع بالورقة البيضاء»، مؤكدة أنه «طالما استمر حزب الله في مشروعه من أجل فرض رئيس جمهورية على اللبنانيين، فإن الأمور ستبقى عالقة على هذا النحو من دون حصول أي تقدم، إلى أن يقتنع الحزب وحلفاؤه، بأن خيار الانتخاب وحده الكفيل بتجاوز هذا المأزق، استناداً إلى خارطة الطريق التي وضعتها بكركي، لأنها تستشعر أكثر من غيرها بالأخطار المحدقة بالبلد، في حال استمر الشغور طويلاً».