Site icon IMLebanon

جُثَّـةُ العُرْسِ الإنتخابي

 

طبخْتُـمْ وجْبَـةَ السُمِّ ورحتُمْ تقيمون الإحتفالات ابتهاجاً بدم الضحيّة التي سقطت في العرس.

 

ماذا فعلتُـم بلبنان وقد سمَّمتموه بالغرائز المذهبية والآفات الفئوية والإنكفاء الطائفي، وجعلتم أعراسه مآتـم…؟

 

ماذا فعلتم بلبنـان الرسالة، ولبنان الشعب والوحـدة الوطنية والعيش المشترك… ولقمة العيش…؟

 

وأيَّ نتائج حصدتُـمْ، وأيَّ صورة للبنان رسمتم، وأيَّ بُنْـيةٍ إجتماعية حصَّنـتم، وقد تقوقعَتْ منكمشةً على نفسها بقشعريرة قلقٍ ورفض…؟

 

هلِّلوا.. وافرحوا بلبنان القوي …

تكتُّلُ لبنان الماروني القوي …

تكتل الجمهورية الماروني القوي …

تكتل الوفاء للمقاومة الشيعية القوية …

تكتل تيار المستقبل السنّي القوي …

 

رئيس الجمهورية القوي والوزير القوي، وكلُّ مَنْ عليها منكم قوي، وكلُّ مَنْ عليها منّا فـانٍ.

 

هذا اللبنان القوي أصبح مجموعة من الثكنات السياسية والمذهبية المستنفرة على نفسها وعلى الآخرين.

 

وهذا اللبنان القوي أصبح حلَبةَ مصارعة يتبارز فيها أصحاب المخالب على فريسة الوطن، ويتصارع فيها بخنجر «بروتُس»، أصحابُ «تكتل لبنان القوي» «وتكتل الجمهورية القوي» على فريسة بعبدا.

 

ولم تصدُق نظرية المصارعين، بأنَّ العقل السليم في الجسم السليم، وإلاَّ لكان المصارع عبقرياً، فيما العقل السليم ما كان إلاّ في الجسم السقيم.

مصيبة لبنان المزمنـة، هي أن الجسم السياسي فيه منتفـخٌ والعقل السياسي فيه سقيم.. والعقل مصدر القوة، ونِبراسُ الأمم، وهو للحكام إمام.

ثلاثمئة آية في القرآن تتحدّث عن فضائل العقل …

 

وإبن خلدون والغزالي يعتمدانِ العقل مفتاحاً الى اليقين …

والفيلسوف الإلماني هيغل يعتبر الدولة خطى العقل الإلهي على الأرض..

 

أين كانت خطى العقل الإلهي، والعقل السياسي والعقل الوطني السليم في هذا القانون الإنتخابي الذي وصَفَهُ الرئيس نبيه بري بأَنه جعل من لبنان خمسَ عشرةَ دولـةً.

 

هذا القانون الذي بفضله، شنَّتْ المذهبيةُ الحربَ على الوطنية، وشنَّت المذاهب حرباً على المذاهب، وأعلن الأخُ حربَ الإلغاء على أخيه، والإبنُ على أبيـه، وشرذمَ الصفَّ الواحد والفريق الواحد، وعلّم الناس ثقافة الخيانة والغدر والطعن في الظهر.

 

كلُّ حسنات هذا القانون أنـه أكّد انتصار الثنائية الشيعية وهو أمر حاصل من دون جميل الحاصل الإنتخابي، وأنه مكَّن المسيحيين من إحراز مقعد نيابي في بعلبك – الهرمل، فيما الإنتصار الحقيقي – والماروني تحديداً – هو في قانون يعيد انتشار العائلات الروحية على مستوى مساحة الوطن.

 

إنها المسؤولية التاريخية التي تقع على حفْنَـةٍ قليلة مـمِّنْ تبقىّ عندنا من أهل العقل، لإعادة شمل لبنان الخمس عشرة دولة، الى دولة لبنان الواحد.

في مسيرة الأمم، يسير التاريخ متطوراً نحو الأمام، والتاريخ عندنا يسير متطوراً نحو الخلف.

 

تأمّلوا لبنان في حدود السنة 1550، في عهد الأمير منصور آل عساف أحد أمراء التركمان، الذي عمَّم العدل والأمن والروح الوطنية، فتقاطرت الى إقطاعيته في كسروان – جبيل، جماعاتٌ من شيعة بعلبك وتوطّنت في فاريا وحراجل، وجماعات من سنَّة البقاع فاستوطنت ساحل علما وفيطرون، وانتشر الدروز في قرى المتن، وانتقل الموارنة من طرابلس ونزلوا في الكفور وعرمون من فتوح كسروان.

 

بهذا يكون لبنان القوي، ويكون انتصار الثنائية الشيعية وانتصار الموارنة في بعلبك – الهرمل.

 

على هذا اللبنان نعقد الرهان، فإذا خاب الأمل بهذه التكتلات القوية عندنا، فما لنا بعد هذا الإنهيار التاريخي، إلا أن نستنجد بأحد أمراء التركمان لإنقاذ لبنان.