الانسان العادي المكتوي بنار عشرات الازمات والمآسي التي عليه ان يواجهها يومياً، اراد او لم يرد، ويدفع ثمنها من صحته واعصابه وماله يحق له ان يضع حدّاً لمن يريد أن ينقل اليه خبراً مزعجاً او مؤلماً، لأن الكيل طفح عنده، ولم يعد هناك مكان ولو لنقطة واحدة.
هذا النوع من البشر، أكثر من «الهم على القلب»، في لبنان، وتصادفهم اينما كان ومن جميع البيئات، وهم في الحقيقة مغدورون ان هم اخذوا موقفاً عدائياً حيال مطلق شخص يحمل اليهم خبراً تحذيرياً او متشائماً، لانهم قرروا الا يحملوا الهمّ مسبقاً.
غير المعذورين، هم أهل الحكم، أو أهل السياسة، المسؤولون عن وطن وشعب ودولة، ومع ذلك تراهم يتصرفون بخفة وعدم اهتمام ولا مبالاة، وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب او بعيد، في حين انهم يغرقون في مشادات ونكايات اذا كان الأمر يعنيهم او يعني طائفتهم او بيئتهم او مصالحهم، ويوجهون سهامهم نحو فريق صغير من السياسيين والمسؤولين، ما زالوا يؤمنوا بالدولة وبالمؤسسات، ولكنهم اقلية في بحر من الفاسدين.
في خلال الايام القليلة الماضية، وقع حدثان كبيران بالغا الخطورة، على مقربة من لبنان، وقد يتطور ليكونا الشرارة التي تشعل الحرب في المنطقة، والنواة التي تشعل الحرب في العالم.
الحدث الاول اسقاط طائرة حربية سورية بنيران طائرة اميركية، ومسارعة روسيا الغاضبة الى وقف العمل باتفاق بين موسكو وواشنطن لمنع حصول اي مواجهة بين الدولتين واعتماد الحوار والتواصل بين القيادتين، وجاء الرد الاميركي سريعاً، بأن اي عمل عسكري ضد حلفاء اميركا في سوريا، سيقابل بالردع حماية لهم وللعسكريين الاميركيين، بما يعني ان اصطدام الدولتين الكبيرتين، اصبح متعلقاً بتصرف يقوم به النظام السوري ضد المقاتلين الذين تدربهم وتسلّحهم وتحميهم الولايات المتحدة الأميركية، دون ان يعرف افق الاصطدام وهجمه وتداعياته التي سوف تكون كارثية.
الحدث الثاني، القصف الصاروخي الايراني المتوسط المدى، الذي استعملته طهران ضد تنظيم داعش في دير الزور رداً على تفجيرات التنظيم في الداخل الايراني، وهو تطور كبير على الساحة السورية، لما يحمل من رسائل باتجاه العديد من الدول، وقد قرأ بنيامين نتنياهو رئىس وزراء اسرائيل هذه الرسالة، وحذّر ايران من توجيه تهديدات الى اسرائيل.
هذان الحدثان، يضاف اليهما التوتر في منطقة الخليج العربي، بعد اعلان السعودية والامارات والبحرين ومصر، قطع العلاقات الديبلوماسية والتجارية والثقافية والمالية، وضرب الحصار البري والبحري والجوي على قطر، لم تهتم لها الحكومة اللبنانية، ولم تشعر ان لبنان مهدد هو ايضاً بما يحصل في سوريا، وان النار اذا اندلعت لن توفر لبنان، ومن الواجب والضرورة وقف السجالات الداخلية، التي لا تؤدي الا الى زيادة التوتر بين الافرقاء والاحزاب، ومن المفترض والضروري، ان تكون هذه الاحداث، على طاولة المحادثات في قصر بعبدا بين الرئيس العماد ميشال عون، وبين رؤساء الاحزاب المشاركة في الحكومة وهم في طبيعته يشكلون الاكثرية الساحقة من رؤساء الاحزاب ذات الفاعلية على الارض.
لا تدفنوا رؤوسكم في الرمل.