لا شيء يوحي، او يؤشر على ان التفجير الذي وقع اول من امس، عند احد المداخل الخلفية لبلدة شتورا، ويؤدي الى الطريق الدولية التي تربط شتورا بالمصنع، واستهدف حافلة ركاب متجهة من بيروت الى سوريا، هو مجرد «حدث امني عابر» خصوصا، انه ومنذ اللحظة الاولى لوقوع التفجير، شاعت معلومات على ان المستهدف هو «الڤان الذي ينقل عناصر من «حزب الله» متوجهين الى سوريا…» (طبعا ليس لشم الهواء).
لاسيما وان هذا التفجير ليس الاول، بل هو الخامس في سياق سلسلة تفجيرات حصلت على الطريق العام تلك …
سواء كان المقصود هو «حزب الله»، ام غيره فان ما حصل رسالة بالغة الخطورة والدلالة، على ان ما كان يحكى عن «خلايا ارهابية نائمة» باتت في وضع المتأهب، خصوصا في منطقة البقاع، والبقاع الاوسط تحديدا … «ايجابية» التفجير الوحيدة، ان صحت التسمية هي ان العبوات الناسفة وضعت في امكنة بعيدة عن الناس وعن المناطق الشعبية، وخارج ساحة شتورا التي تعج عادة بالوافدين والذاهبين …
هي رسالة في كل اتجاه … وتطور بالغ الخطورة وجرس انذار لا يمكن القفز من فوقه وادارة الظهر له، في ظل تطورات اقليمية عاصفة، تركت اثارها البالغة السلبية على الوضع في لبنان، سياسيا واعلاميا، وان بقي الوضع الامني ممسوكا بحدود مقبولة ومعززة بتأييد دولي واقليمي وعربي … اقله الى الان؟!
الا ان السؤال الى اي متى يقدر لبنان على الامساك بالوضع الامني والملفات الخلافية بكافة عناوينها اكثر ان تعد وقد دخل عليها في الاونة الاخيرة، ملف التعيينات والمناقلات العسكرية، الذي احتل مرتبة متقدمة جدا بين العناوين الخلافية، التي تهدد باستمرار تعطيل عمل الحكومة؟!
ليس من المؤكد ان التفجير الذي وقع في شتورا، والعثور على عبوة ناسفة اخرى لم تنفجر، استهدفا حصرا «الڤان» المتوجه الى سوريا.. الا انه وايا ما آلت اليه التحقيقات التي تجريها الجهات المعنية، فإن ما لا يمكن تجاهله هو ان اي منطقة في لبنان معرضة والاوضاع الداخلية التي تشهد انقسامات حادة غير مسبوقة على هذا النحو، لم تعد تشكل مظلة امنية كافية .. ومن يتابع عمليات تهريب السلاح، من والى لبنان، يدرك كم ان الابواب مفتوحة ولم تعد مقفلة كفاية امام اي تطور من الصنف الامني …
تؤكد مصادر امنية متعددة المواقع، ان ما حصل في شتورا، لم يكن حدثا عاديا، وهو قابل ان يحصل في غير منطقة، متى حضرت اشارات اطلاق «الخلايا النائمة» التي تتراكم ملفاتها لدى الاجهزة الامنية المعنية التي باتت على قناعة كافية بأن ما حصل هو «انذار» او «جرس انذار» وبأن نيات «المجموعات الارهابية» واضحة من خلال التحقيقات وهي العبث بالامن اللبناني… والظروف الداخلية باتت شبه كافية لتوفر الثغرات المطلوبة لانطلاق هذه الخلايا التي ترتبط عضويا بمجموعات خارجية، فاعلة على الارض، في العراق، كما في سوريا …
من هنا، تؤكد المصادر على وجوب ان يتنبه الافرقاء السياسيون (الذين «يختلفون على جنس الملائكة» ويمضون في خلافاتهم على السماء مما قد يفقدهم الارض) الى وجوب اليقظة والتنبه وايقاف هذا المسلسل الذي لم يأت بالخير على البلاد، والملفات المأزومة مفتوحة على مداها وعلى كل الاحتمالات.
ليس من شك ان العملية، على صغرها، قد تشكل بداية لعمل اكبر، يخشى معه من عودة مسلسل التفجيرات… وهو امر حط امس على طاولة الحوار في سياق مداخلة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي حذر من «خطورة ما يجري ومن اخطر مما يجري في التمادي في اعتماد سياسة دفن الرؤوس في الرمال … وكأن شيئا لا يجري من حولنا …»؟!
صحيح ان المسألة غير موقوفة على الحوار وحسب، لاسيما وان التجاري السابقة ولدت لدى العديد من الافرقاء، لاسيما الرئيسيين منهم، قناعة بأن جلسات الحوار لم تعد اكثر من «طبخة حصى» … لكن من المهم جدا، على ما يقول احد الذين شاركوا في حوار «المستقبل» – «حزب الله» في عين التينة، ليل اول من امس، هو ان «يدرك الجميع اننا بتنا على ظهر سفينة واحدة، وان احدا لن يكون بعيدا عن اية مخاطر … والمطلوب هو وقف سياسة «اما ان احصل على كل شيء او امنع حصول اي شيء…؟! خصوصا وان لمؤسسة الجيش قواعدها وقوانينها وضوابطها وحرماتها التي يجب ان لا يقترب اي احد منها وتعريضها الى اية اهتزازات …
وصحيح ايضا ان الجميع ربطوا اي حل بتطورات الخارج، لكن من المهم اكثر، على ما يقول المصدر، هو ان يشعر الجميع بخطورة اية دعسة ناقصة، وان يدركوا انه في «لعبة الامم… لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة بل مصالح دائمة …» الا اذا كان البعض قد وصل الى مرتبة من القناعة خلاصتها فك ارتباطاته بالخارج يعني بداية «الموت السريري»؟!