ألف تحيّة لوزير الداخليّة نهاد المشنوق على وقفته خلال اليومين الماضيين في حماية مؤسسة قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات، وحفظ حقوق السجناء «الإرهابيين» الإنسانيّة، وألف تحيّة للمشنوق على حكمته ورزانته وهدوئه وحركته بالأمس باتجاه سجن رومية، فالرّجل أفشل مراراً وتكراراً حتى الساعة كلّ محاولات استدراجه إلى خطاب «شعبوي»، واختار كذلك مراراً وتكراراً لغة العقل بعيداً عمّا قد تحققه من مكاسب أو ترتّبه من خسائر، والمشنوق «صقر بيروت» تميّز خلال عاصفة اليومين الماضيين ببعد وحدّة نظر الصقر، فقد أحسن القبض على «الفتنة» التي هبّت رياحها مجدداً من سجن رومية على لبنان و»الطائفة السُنيّة»…
ربما على كثير من اللبنانيين أن يتأملوا مفارقة اللحظة، وأن يشاهدوا (عبر موقع يوتيوب) التقرير الذي بثته قناة أورينت نيوز عن ڤيديو ضرب بعض سجناء سجن رومية ـ المتابع للقناة يجد أنها صوت لتنظيم داعش والفصائل الإرهابية الأخرى بعدما أخذت في الفترة الأخيرة على عاتقها بث الخطاب السلفي السنيّ المتشدد ـ والتحريض الذي أطلقته القناة في وجه اللبنانيين لإشعال فتنة كبرى بينهم، إذ أكّدت أنّ الذي يُضرب في الڤيديو يُضرب لأنّه «سُنيّ» وأن الإعلام اللبناني «عتّم» على الفيديو لأنّ الذي يضرب ليس درزياً ولا شيعياً ولا مسيحياً!! هذه فتنة موصوفة تأتينا من خارج وداخل، وعندما نربط بين التنظيمات الإرهابيّة ونظام الأسد القاتل، علينا التفكير جديّاً في عدم إلقاء هذا النظام برميلاً واحداً متفجراً على مناطق سيطرة التنظيمات الإرهابيّة، بل على العكس مسارعة تنظيمات الإرهاب لفتح المعارك مع الجيش السوري الحرّ كلّما نشبت معركة بينه وبينه ميليشيات الأسد وحزب الله!!
بالأمس انحسرت قليلاً «الفرقعات» و»القرقعات» الكبرى لأصوات السياسيين المزايدين في موضوع «الڤيديو» المسرّب للتعرض بـ»الضرب المبرّح» المهين لإنسانيّة السجين حتى لو كان إرهابيّاً، وحتى لو فشلت مخططاته لتفجير لبنان وتمّت سريعاً ضبضبة الشّارع الأهوج ـ وما شاهدناه في الفيديو ليس أكثر من ضرب مبرّح جداً بعيد لحظة تمرّد كبرى نفّذت في سجن رومية ـ لبعض الذين اصطلح على تسميتهم بـ»السجناء الإسلاميين»، والتسمية الصحيحة هنا هي «السجناء الإرهابيين» وللمناسبة؛ تحدث إرتكابات لعناصر شرطة فاسدين أو منحرفين في كلّ بلاد وسجون العالم ويجري توقيفهم ومحاكمتهم، وقد يحدث ما هو أكبر وأكثر من الضرب والشتم بكثير، ولكن في لبنان أُريد لـ»الڤيديو» المسرّب أن يُفجّر مناطق الغالبيّة السُنيّة في طرابلس والبقاع في وجه الدولة، من بوابة سجن رومية مجدداً!!
وعلى كثير من اللبنانيين أن يفكروا مليّاً في التزامن بين تسريب الڤيديو وفي اللحظة التي انفجرت فيها «غُبّ الطلب» حربٌ شعواء على الإعلام اللبناني الحرّ، وعلى إعلاميين لبنانيين مناهضين لسياسات حزب الله ومن ورائه إيران ونظام بشار الأسد من بوابة «ويكيليكس»، وفي اللحظة التي يتولّى فيها البعض تحضير الأرض لتدمير ما تبقى من المؤسسات اللبنانيّة العاملة، بعدما تمّ تكريس الفراغ في الرئاسة الأولى، وشلّ عمل الحكومة اللبنانيّة والاعتداء على صلاحيات رئيسها التي نصّ عليها الدستور الذي اختصّه بتحديد بنود جدول أعمال جلسات الحكومة، وفي لحظة تمّ فيها شلّ المؤسسة التشريعيّة ومنعها من تشريع الضرورة، وتعطيل نصاب جلسات مجلس النواب لانتخاب رئيس للبلاد، وتزامنها كذلك مع الهجمة الشرسة على بنية الجيش اللبناني وتصنيف قيادته بـ»غير الشرعيّة»، أنّه وفي نفس اللحظة تمّ تسريب «ڤيديو» مشبوه، لتفجير لبنان في وجه مؤسسة قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات بكل الجهود التي تبذلها في مواجهة الإرهاب والشبكات الإسرائيليّة وسواها، ما الذي سيتبقّى بعدها لفرط الدولة اللبنانيّة، بعد هدم هيبة وصورة مؤسساتها الأمنيّة؟!
إن محاولة البعض تصوير «سجناء إرهابيين» بأنّهم «أهل السُنّة» الذين يُعذّبون لأنهم «سُنّة» أمر مرفوض جملة وتفصيلاً ، إلا إذا كان البعض يريد ـ من حيث يدري أو يدري ـ تكريس فرض صورة الإرهابي «عمر الأطرش» ناقل السيارات المفخّخة والإرهابيين والأحزمة الناسفة لتفجير الآمنين والأبرياء من اللبنانيين في الضاحية الجنوبيّة وسواها بأنّها صورة أبناء «الطائفة السُنيّة»!! وللمناسبة بعض المشايخ ونوّاب المزايدة الذين سارعوا للتفجّع على حقوق الإنسان وأيضاً معهم أهالي»السجناء الإرهابيين» الذين على ما يبدو يؤيدون توجّه أبنائهم الإرهابي ولم يستنكروه مرّة من باب رفع العتب عليهم حتى، هؤلاء كلّهم يُكملون من حيث يعلمون أو لا يعلمون الغاية من مخطط تفجير «الطائفة السُنيّة» في وجه لبنان وتفجير لبنان معها!!