أجل، الحق، كل الحق، مع الذين بدأوا يرتابون من كل ما يُحاك من خربطات مفتعَلة حاقدة، وطحشات مشبوهة تنقِّط بغضاً وعداءً، وكل الشعارات والعناوين التي تقطُر تخريباً وتضمَر شرّاً للبلد والناس بصورة عامة وتنقطُّ سياسة ليست غريبة المصدر.
كل تلك الهَوبرات والخطب والمبالغات في رشق التُّهم والحجارة وفي اتجاهات معيّنة، إنما تقصد وتتوخّى شرّاً للبنان ونظامه وتركيبته. وعن سابق تصوِّر وتصميم. ولغايات في نفوس مريضة، أو مهووسة، بالمناصب والمكاسب والمليارات والعقارات والسيطرة والسلطة.
ولا تمُتّ بصِلة إلى التقاليد والعادات اللبنانية، ولا تنتسب إلى اللعبة الديموقراطية البرلمانية التي كان الوطنْ الرسالة مسرحاً لها، بل المسرح الوحيد في كل العالم العربي والمنطقة والشرق الأوسط، إنها مجرَّد عراقيل، وتعقيدات، وعقبات مفتعلة.
والحق، كل الحق، مع الناس العاديّين وهم يسخرون من تمثيليّات بعض المتزعّمين المعروفين بأنانيَّتهم المزمنة والتي عادت على لبنان بالخراب، والدمار، والدماء، والسقوط تحت رحمة الأوصياء، ثم تحت رحمة “صانعي” الفراغ وحلفائهم المُخلصين.
لقد انفضحوا في كل المناسبات والامتحانات، وخصوصاً في امتحان الزبالة. أما بالنسبة إلى الحؤول دون اكتمال نصاب جلسات مجلس النواب وجلسات مجلس الوزراء، فحدِّث ولا حرج.
لم يعد اللبناني العادي، الذي يركض ليل نهار ليؤمِّن عيشه وعائلته، مقتنعاً بكل هذه الأفلام الهزلية التي يضحك منها وعليها حتى الصغار في الأعمار، فيما الكبار يرفضونها شكلاً ومضموناً… معتبرين أنها لا تختلف عن الضحك على الذقون.
بتنا نسمع مَنْ يُعلنون على الملأ أن كل مَنْ يساهم في استمرار الفراغ الرئاسي متَّهم. وكل من يُعرقل عمل الحكومة ومجلس النواب والمؤسّسات الدستوريَّة مُتَّهمٌ بالتواطؤ مع المخرّبين الذين يتربَّصون شراً ببلد الثماني عشرة طائفة.
ولا يتردّدون في توجيه اتهامات صوب فئات وتكتلات وتجمُّعات بدور لها في محاولات تطويل أزمة الفراغ والشلل والتعطيل سعياً إلى “مؤتمر تأسيسي” مثلاً، أو إعادة نظر في دستور الطائف والاتفاق والميثاق والنصوص التي كُرِّست في المؤتمر الثاني…
لكن هذه الحنجلات مفضوحة من كل الجهات. ومكشوفة أيضاً. ويحدِّثونك عنها في باريس، مثلما تسمعها من بائعي الخُضار في باب التبّانة.
معلومُ ومُعلنُ على الملأ، وحتى في واشنطن وباريس، مروراً بالفاتيكان، بلوغاً لموسكو فلاديمير بوتين أن طهران هي من يعرقل الاستحقاق الرئاسي، وهي مَنْ يؤخّر عملية ملء الفراغ الرئاسي والسياسي والدستوري في لبنان. وقد تحدَّث في الأمر الرئيس فرنسوا هولاند شخصيّاً. وتحدَّث آخرون.
إلا أن إيران ليست مستعجلة، هنا بيت القصيد.