IMLebanon

أم الصبي … وأبو الصبي!

الى متى تستطيع اطفائيات عين التينة ان تمنع إندلاع الحرائق التي تتهدد ما يتبقى من حطام الدولة اللبنانية، وقد باتت بمجموعة من الملفات الخلافية تشبه هشيماً لا يحتاج الى اكثر من عود ثقاب ؟

كان من الظريف ان يلفتنا الرئيس نبيه بري الى اّخر التناقضات العاصفة في هذا البلد السعيد، عندما قال للصحافيين نهاية الاسبوع الماضي ما معناه ان البيئة الامنية في لبنان عاقلة بينما البيئة السياسية مجنونة، ففي المعتاد الحماسة ولو متهورة هي من شيم العسكريين أما الهدوء المتعقل فمن واجب السياسيين، لكن بري يلاحظ ان الوضع الامني مستقر في بيروت ومختلف المناطق على عكس الحياة السياسية غير السليمة التي تشلّ عمل المؤسسات.

ربما يغالي بري في الافتراض ان الأمن عندنا أفضل منه في باريس على الأقل لأن الباريسيين لا ينامون على كفّ عفريت بينما ينام اللبنانيون على حافة جهنم المشتعلة من اليمن الى العراق الى سوريا، فكيف الآن بعدما صار لنا في مسألة عرسال “حشد شعبي” على الطريقة الحوثية إسمه “لواء القلعة”، ومن يدري ان لم يستجلب هذا في النهاية “عاصفة حزم” ما، وكل ذلك من أجل عرسال او ربما إستعجالاً لـ”أجل” وإنا لله وإنا اليه راجعون!

لست ادري ولا دولة الرئيس بري يدري في النهاية، الى متى يمكنه الحفاظ على تلك “المساكنة” بين “حزب الله” و”المستقبل”، الذي يتحسس منذ زمن بعيد انه كلما إتّخذ في الصراع السياسي الداخلي موقف “أم الصبي” خسر جزءاً من هذا الصبي، وقد صار عندنا الآن ابو الصبي وهو ابو مصطفى.

ولست أدري مثلاً ولا الرئيس بري يدري الى أنه سيتجه الغضب الساطع عندما يخاطب الجنرال ميشال عون مناصريه بالقول “نحتاج الى أقدامكم”، وهو ما ذكّر الكثيرين بأغنية فيروز في مسرحية “فخر الدين” للرحابنة التي تقول “خبطة قدمكم على الارض هدّارة … انتو الأحبا وإلكن الصدارة”، ذلك انه ليس من الواضح الى أين ستسير هذه الاقدام، فهل تذهب لعقد حلقات الدبكة في مهرجانات وزير السياحة أم تذهب لتقاتل مع “لواء القلعة” وهي تنشد في طريقها “يا قمر مشغرة يا بدر وادي التيم”، أم تكتفي بالصعود الى “بيت الشعب” لإقتلاع العشب البري الذي يخنق المقام الرئاسي؟

وبري ابو الصبي عندما يقول انه سيدافع عن الحكومة بكل ما أوتي من قوة وانه سيكون في مقدم المحافظين عليها، وايضاً عندما يرفض تعريض المؤسسة العسكرية لأي خضة، وخصوصاً في مواجهة الاخطار الداهمة التي تتربص بلبنان وانه مع تعيين قادة الاجهزة الامنية تلافياً للفراغ، وأيضاً عندما يسأل هل من المنطق ان نعيّن قائداً للجيش قبل نهاية ولاية العماد جان قهوجي فيصير عندنا قائدان للجيش؟