إكتمل مشهد اللوائح الإنتخابية في دائرة بعلبك- الهرمل، وانصرف أطراف النزاع إلى حشد الناخبين وتجييش الشارع بخطابات من شأنِها رفع الحاصل الإنتخابي عند بعض الأطراف لا سيما «حزب الله»، ورفع نسبة الإقتراع لدى السنّة والمسيحيين، ليُبنى على نتائج السابع من أيار مقتضى الصورة المقبلة للمنطقة والحضور السياسي فيها الذي سيكون هذه المرة ذا نكهة خاصة.
يبدو طالع نتائج الإنتخابات في بعلبك – الهرمل لا يتطابق مع حسابات حقل المعارضة التي كانت تسعى لخرق لائحة «حزب الله» بثلاثة مقاعد، فالأخير اليوم يعبّر عن ارتياحه لما آلَ إليه عدد اللوائح المتنافسة والتي تصبّ كثرتها في صالحه، حيث تتشتّت المعارضة وتضيع أصواتها، ليبقى رهان الحزب على كسور الحاصل الإنتخابي بعد أن حسم أمره بالحصول على تسعة مقاعد.
ولا شك أنّ لائحة «الكرامة والإنماء» التي يخوض فيها تيار «المستقبل» و«القوات» المعركة بوجه «حزب الله» كانت ستحصل على نتائج جيدة فيما لو كانت المعركة الإنتخابية تُدار بشكل أفضل وتوزيع الأصوات التفضيلية أو صبّها لصالح مرشحٍ واحدٍ أو إثنين على الأكثر. لكنّ الكل يسعى للحصول على أعلى نسبة أصوات تفضيلية يُقارع بها بعد الوصول إلى الحاصل الإنتخابي. والكل يعلم أنّ رافعة هذه اللائحة تيار المستقبل و«القوات» حيث الثقل السنّي والمسيحي، إضافةً إلى شخصيات شيعية لها حضورها الشعبي وتاريخها النضالي كالمرشح رفعت المصري.
وهنا يسعى البعض إلى قطاف بعض الأصوات التفضيلية من السنّة والمسيحيين، كما يسعى أحد المرشحين الذي كُلِّف بإدارة الشؤون المالية للائحة، إلى شراء أصوات تفضيلية من بعض القرى من أمام «المستقبل» و«القوات»، أضِف إلى ذلك تحكُّمه بمصاريف أعضاء اللائحة كالدعايات الإنتخابية والصور وغيرها.
ومع إقرار القانون النسبي إستبشر سُنّة ومسيحيو بعلبك- الهرمل بإيصال مرشحيهم إلى الندوة البرلمانية بعد أن كان النواب المخصّصون لهم في المنطقة مُصادَرين من قبل «حزب الله» بفعل القانون الأكثري، وهو أمر يسري على كل الأحزاب في لبنان التي تصادر حقوق طوائف أخرى في التمثيل نتيجة الأكثرية المذهبية في كل دائرة.
واليوم وقبل أسابيع قليلة على الإستحقاق النيابي يدور نقاش حول الناخبين السنّة في بعلبك الهرمل الذين يفوق عددهم الـ42 ألف ناخب، وكيف ستتوزّع أصواتهم وكم ستبلغ نسبة الإقتراع هذه الدورة، وهل يستطيع السنّة إيصال أحد مرشحيهما إلى الندوة البرلمانية في ظلّ القانون الجديد بعد أن صادر «حزب الله» على مدى الدورات السابقة النائبَين السنّيَين وكانا ضمن تكتل «الوفاء والمقاومة».
وعلى عكس الطوائف الأخرى لا يُمكن القول إنّ السنّة محزّبون ومنتسبون إلى حزب سياسي معيّن، وإن كان «تيار المستقبل» هو الحزب السياسي الوحيد الذي له حضوره الشعبي في بعلبك الهرمل بين أبناء الطائفة السنّية. غير أنّ المنتسبين إليه نسبة قليلة مقارنةً مع العدد الكلي للطائفة، لكنّ المؤيّدين والمناصرين للتيار يفوق عددهم الـ75 في المئة من إجمالي العدد. ويراهن تيار المستقبل في الإنتخابات اليوم على القانون الجديد بإيصال أحد مرشحيه ويولي المعركة أهمية خاصة على عكس الدورات السابقة، فقد خاض «المستقبل» الإنتخابات النيابية عام 2005 و2009 بمرشحَين ولكن في حينها من باب رفع العتب والقول إنّ هناك حضوراً له في المنطقة، أما اليوم ومع القانون الجديد يخوض المعركة بأمل الحصول على مقعد أو إثنين ويجيِّر كل إمكانياته لها.
نسبة الإقتراع
لم تصل نسبة الإقتراع لدى السنّة في الدورات الماضية إلى حدود الـ40 في المئة إيماناً منهم بأنّ القانون الأكثري سيأخذ ممثليهم من أمامهم ومن دون أن يمثلوهم، فالرافعة لهم ولنجاحهم لم تكن الصوت السنّي حينها. أما اليوم فيراهن مرشّحو المستقبل ومعهم التيار على رفع نسبة الإقتراع لدى السنّة إلى ما فوق الـ50 بالمئة.
ووفق خبراء إنتخابيين فإنّ عدد المقترعين سيتجاوز الـ22 ألف ناخب سنّي ليبقى السؤال عن توزعهم بين اللوائح المتنافسة، والتي ستكون للائحة «الكرامة والإنماء» ومرشحي «المستقبل» فيها حصة الأسد الكبرى.
ففي بعلبك التي ستتجاوز نسبة الإقتراع فيها الـ50 في المئة أي ما يعادل 7000 مقترع من أصل 14000 ناخب، سيحصل «تيار المستقبل» على 4000 صوت بمقابل 3000 ستتوزع لـ»حزب الله» والمرشحين السنّة في اللوائح الأخرى.
وفي عرسال التي يفوق عدد ناخبيها الـ16500 ناخب، لم تتجاوز نسبة الإقتراع في الإنتخابات البلدية الـ37 في المئة. وهنا يراهن الجميع على زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى عرسال بعد أن انسحب عدد من المرشحين فيها لصالح «تيار المستقبل»، والهدف من الزيارة رفع نسبة التصويت وحصول «المستقبل» على الأصوات التفضيلية لمرشحيه، حيث يراهن التيار بالحصول على 8000 صوت مقابل ألف للمرشحين السنّة الآخرين.
كذلك في بلدات شعت والفاكهة والعين يسعى التيار للحصول على أكثر من نصف عدد المقترعين حيث من المتوقع أن تكون نسبة الإقتراع 50 في المئة.
جردة حساب
وفي جردة حساب سريعة على نسبة الإقتراع والأصوات يُتوقّع حصول «تيار المستقبل» على أكثر من 15 ألف صوت سنّي ستتوزع بين مرشحيه حسين صلح وبكر الحجيري، إضافة إلى أصوات قليلة ستصبّ لصالح عدد من المرشحين في اللائحة نفسها، مقابل حصول «حزب الله» على أكثر من ثلاثة آلاف صوت سنّي. في حين يُتوقَّع للدكتور عبد الله الشل المرشح السنّي في لائحة «المقاومة المدنية» التي يترأسها علي صبري حمادة حصوله على أكثر من ألفَي صوت سنّي، وهو المرشح الأقوى بين المرشحين السنّة في اللوائح الأخرى غير لائحة «الكرامة والإنماء».
كذلك ستتوزّع الأصوات المتبقّية بين المرشحين السنّة في اللوائح الأخرى كلائحة الوزير السابق فايز شكر ولائحة خلدون شريف، وهنا يُشار إلى أنّ أصوات السنّة في تلك اللوائح ستصبّ نظراً للحيثية الشعبية التي يتمتع بها شكر وشريف وليس للمرشحين السنّة الذين خرج بعضهم من عباءة «المستقبل».
ويقول مرشح «تيار المستقبل» في بعلبك حسين صلح المعروف بـ«أبو نضال» إنّ «تيار المستقبل» بدأ بجولات على العائلات لشرح البرنامج السياسي على الصعيد الوطني والبرنامج الإنتخابي على الصعيد المحلّي، ويركّز المستقبل في برنامجه على قضايا التنمية التي تحتاجها المنطقة».
ويضيف صلح في حديث لـ«الجمهورية» أنّ «الناس لديهم أمل في التغيير وستكون نسبة الإقبال على صناديق الإقتراع كثيفة لأنّ القانون سيسمح لنا وللمسيحيين بإمكانية تحقيق خرق»، داعياً الناس للمشاركة الكثيفة وبجدية في السادس من أيار لأنّ عملية الخرق مرهونة بالإقبال على صناديق الإقتراع».