اعتاد المواطن اللبناني، على أن تترافق الأعياد في لبنان مع زحمة السير، خصوصاً في فترة عيدي الميلاد ورأس السنة. في السنوات الأخيرة، أصبحت الزحمة مشهدية يومية، تبلغ ذروتها نهار الجمعة من بيروت باتجاه الشمال، ومن بيروت باتجاه الجنوب، ومساء الأحد في الاتجاه المُعاكس. أمّا الاختناق التام فهو ما يجري على الأوتوستراد الساحلي في الأيام الأخيرة، خصوصاً على مسلكي الأوتوستراد بين وسط بيروت وكازينو لبنان. وفي حين كان يُؤمل أن يكون جسر جل الديب هدية العيد، ما يُخفِّف من هذه الزحمة، «طارت» الهدية، إلى السنة المُقبلة.
«خط طويل» من السيارات، والوجوه المُتوجِّمة. ويأتي الشتاء ليُضاعف الزحمة. على رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة، إلّا أنّ اللبنانيين يحبون «عَيش» أجواء العيد. يتسارعون إلى المراكز والمحال التجارية، وإن فقط للتفرجة من دون التبضع.
وعلى رغم أنّ قوى الأمن اتخذت إجراءات لتسهيل المرور، ومنع الازدحام، يُلاحظ الوجود المُكثف لرجال قوى الأمن الداخلي على الطرقات، إلّا أنّ أعداد السيارات تزداد والطُرقات «هِيَ هِيَ». غالبيةُ خطوط الأوتوستراد الساحلي أُنشِئت في أواخر الخمسينات، حين كان عددُ السيارات لا يصل إلى الـ20 ألفاً، فيما هناك نحو مليوني سيارة في لبنان اليوم.
لسانُ حال المواطنين
دراسات وأبحاث بسيطة تُظهر أنّ القيادة اليومية في هذه الزحمة الخانقة، تضغط على أعصاب السائق، تحدّ من إنتاجيّته، تسبِّب آلام الظهر، تزيد التلوّث الجوي والنظري… ولها أضرار اقتصادية سلبية على الدولة من ناحية تكلفة المحروقات و»تضييع» وقت العمال والموظفين «العالقين على الطرقات».
الزحمة «اللبنانية»، «تُساوي» بين المواطنين، ولا تُفرِّق بينهم على صعيد الطائفة أو الجنس أو الانتماء المناطقي أو العمر…، وفي استطلاعٍ، أجرته «الجمهورية» على عيِّنة من السائقين الذين يسلكون أوتوستراد الكازينو- الدورة يومياً، ذهاباً وإياباً، قال أحد المواطنين، حين تعطّلت سيارته، أمس: «حِميت السيارة وحِمي راسي وهالدولة باردة ما عم تحس فينا».
وأخبر مواطن بتروني: «أخرج من منزلي يومياً عند الساعة السادسة صباحاً، وعلى رغم انطلاقي باكراً من البترون إلّا أنني حين أصل إلى ضبيه أجد الزحمة في انتظاري، ويسألون لماذا نتأخر على أعمالنا؟». سائق تاكسي يسخر من «هالحياة»، ويقول: «ينذروننا من مضار التدخين، ماذا عن دخان السيارات المُكدّسة؟ ألا تضرّ؟ وماذا عن تنشُّق روائح النفايات والمجارير والدخان الذي تنفثه السيارات والشاحنات حين نعلق ساعات على الطُرقات؟».
مواطنة عشرينية، ترى أنّ «تطبيق الواتساب هو المُسكِّن الوحيد لتحمُّل هذه الزحمة»، وتقول بعصبية: «وقال ممنوع نستخدم التلفون وبيعملولنا ظبط، طيب ولمين لازم نعمل ظبط عالعجقة».
من المُتوقَّع أن يُخفِّف جسر جل الديب من الزحمة على أوتوستراد المتن الساحلي، بين نهر الموت ونهر الكلب، إذ يُشكِّل منفذاً أساسيّاً إلى المنطقة بكاملها وليس إلى جل الديب فقط، وبالتالي يُخفِّف ضغط السير عن مدخل أنطلياس وجسر نهر الموت.
ومن المُقرَّر أن تنتهي أشغال جسر جل الديب في 23/2/2019، ففي حين كان يتمّ العمل على فتح الجسرين أو أحدهما أمام السير قبل الأعياد، حالت عراقيل إضافةً إلى تساقط الأمطار دون ذلك.
لكن هل هناك تأخير إضافي؟ وهل ستستمر الأشغال فترة الأعياد؟
يوضح، مجلس الإنماء والإعمار لـ»الجمهورية»، أنّ «فتح جسر دون الآخر أمام السير قد يُسبِّب زحمة سير في ساحة جل الديب، حيث سيدخل السير بسهولة، إنما ستصعب عملية تسهيل خروج السير من المنطقة»، مؤكّداً أنه «من المُرتقب أن يُفتح الجسران في أواخر شهر كانون الثاني المُقبل».
ويوضح، أنّ من العراقيل التي ظهرت، خلال العمل، «تعديل عامود جسر المُشاة الحديدي. ففي حين كان من المُفترض أن تتمّ إزالتُه، طلبت وزارة الأشغال العامة والنقل من مجلس الإنماء والإعمار الإبقاء عليه وترميمه وإصلاحه. وإنّ أحد عواميده مُرتبط بأحد الجسرين».
أمّا المشروع بكامله المُموّل من الدولة اللبنانية، فمن المُفترض أن يُنجر في أواخر شهر شباط المُقبل، إلّا أنّ الشتاء قد يؤخّر أعمال التزفيت فقط. وحينها، تكون فُتِحت الطريق أمام السير ولكن تبقى مرحلة أعمال التزفيت ليُنجز المشروع بنحوٍ كامل.
ويشرح المجلس، أنّ الأشغال مُستمرة لإنجاز جسر جل الديب في الموعد المُحدّد، إنما ستتوقّف على الأوتوستراد خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة، وذلك تسهيلاً لحركة السير، فيما أنّ الأعمال ستستمرّ في باقي نقاط المشروع، قرب ساحة جل الديب وفي الطرقات الداخلية. وابتداءً من 7 كانون الثاني من العام 2019، ستُستأنف الأعمال على الأوتوستراد.