Site icon IMLebanon

عن «السبعة ودمّتها»… التي مررت الموازنة بحكم الضرورة!

 

 

وفق رئيس المجلس نبيه بري استلزمت طبخة الموازنة «السبعة ودمّتها» لتستوي وأقيمت الوليمة «يَلّلي طابخينا سَوا»، حسب تعبير النائب اللواء جميل السيّد في القاعة العامة وشارك فيها نصف نواب الأمة، بعضهم جاء للاعتراض والبعض الآخر لتسجيل المواقف، أمّا البعض المطيع فجاء لإتمام النصاب. وحده رئيس الحكومة الجديد حسان دياب حضر فارغ اليدين والوزراء ومطوّقاً بأسئلة كبيرة لحكومة مبتدئة، بَدا متردداً بعدما أحكمت كتلة «المستقبل» الطوق حوله ولم يتمكن من الإستعانة بفريق عمله من الوزراء المتغيّبين الذين، وفق قوله، لم يتمكنوا من الوصول بسبب ظروف خاصة! فتحصّن برئيس المجلس.

دياب استنجَد في الدرجة الاولى بهَيبة رئيس المجلس الذي بدا حاضراً لإسعافه، بعدما حضر وحيداً الى مجلس النواب واعتلى منصة الصف الوزاري غير مُحاط بالمسعفين الوزراء من فريق عمله. وبعد كلمته الموجزة الموجبة، حسب تعبيره، والتي عبّر عنها لاضطرار الحكومة الى تسيير الموازنة مع احتفاظها بحق التعديل بعد نيلها الثقة، فدعمه رئيس المجلس شاكراً.

 

إلّا انّ النائب سمير الجسر الذي حضر فقط لتسجيل موقف، وفق تعبيره، كان بالمرصاد لرئيس المجلس ولرئيس الحكومة على حدّ سواء، فتكلم باسم تيار «المستقبل» موضحاً الفقرات التي لا تمكنه من الاعتراف بدستورية جلسة الأمس، مُطالباً دياب بإجابة مباشرة على تبنّيه الموازنة من عدمها.

 

دياب تردد في بادئ الامر، لكنه استعان مجدداً ببري الذي حاول اللجوء الى النصوص والاستعانة بها لمُجادلة الجسر. وامام إصرار الاخير، أوقف بري النقاش مبرراً انّ للمجلس صلاحية في التشريع ولو في غياب الحكومة، وانّ الضرورة تجيز اعتماد الاعراف وليس النصوص فقط، مُنهياً الحديث حول دستورية الجلسة، الى أن تدخّل النائبان بهية الحريري ومحمد الحجار مطالبَين دياب بحسم جوابه والنقاش الدستوري، فأجاب: «لو لم أُرد تبنّي هذه الموازنة لما كنتُ حضرت».

 

كنعان

بدوره، رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان اشتكى لبري عدم إصغاء النواب الى مداخلته، متوجّهاً اليه قائلاً: «ما حَدا عم يسمعلي». وبعد المعالجة، أضاف: «كفانا دفناً للرؤوس في الرمال»، مبدياً استعداده للمحاسبة.

 

وقال: «لبنان اليوم على مفترق مصيري على صعيد الوضع المالي برمّته، ويتطلب من الجميع إخراج هذا الملف كليّاً من دائرة التجاذبات السياسية وتسجيل المواقف الى العناية الفائقة، والمقاربات العلمية والجدية المسؤولة توصِلنا الى خطة إنقاذية فعلية وقابلة للتنفيذ بالتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية». ولفت الى «اننا في أزمة مالية بنيوية، كفانا دفناً للرؤوس في الرمال، فهذه سياسة لا تبني أوطاناً. لقد حاولنا، بتصدّينا لمشروع موازنة 2020 بالدرس والتعديل والإضافة، أن نُنير شمعة في سبيل معالجة الأزمة، إلّا أنّ عملنا هذا لا يكفي ما لم يُستتبع بخطة عاجلة للخروج من الأزمة وبلوغ برّ الأمان. وهذه مسؤولية الحكومة مع استعدادنا للتعاون المُطلق و… المحاسبة».

 

سليم سعادة

وكانت للنائب سليم سعادة مداخلة لافتة وصف فيها الموازنة بأنها «لقيطة» ليس لها لا أم ولا أب، لافتاً الى «أنّ أرقام الموازنة غير صحيحة ولم تعد تصلح في هذا الزمن، فالدين العام والانهيار المالي أوقَف شهر العسل في الطائف». ولفت الى ان «لا مال ولا عسل بعد اليوم»، وعلى اللبنانيين ألّا يطمحوا بعد اليوم الى تلك المساعدات، مضيفاً «انّ هذه الازمة ستستمر الى عقود، والافضل للبنانيين التعايش مع هذه الحال لأن لا حلّ آخر لنا». وحَمّل المسؤولية عمّا حصل للنواب منذ 15 سنة حرب حتى اليوم. كذلك حمّل ايضاً المسؤولية «للاحزاب التي ما زالت واضعة يدها على مالية الدولة». وأضاف: «انّ الحرب انتهت وما زالت الامور على حالها، وانّ مالية الدولة هي عبارة عن بازار مالي أفضى الى بَهدلة مصرف لبنان والخزينة والمصارف». واعتبر «انّ وزارات الدولة تحتاج الى مُنَجّم لمعرفة حجمها وآلية استيفائها»، وقال: «بوجود 3 اسعار لصرف الدولار كل شيء يتغير، والواردات تدخل في السعر الرسمي وتخرج بسعر السوق السوداء».

 

وتحدث عن «طغيان طابع العجز في لبنان من ميزان المدفوعات، وفي الحساب الجاري وفي الموازنة، وفي احتياط الدولار وفي النشاط الاقتصادي وفي قدرة الخزينة على الاستدانة، كما العجز في الاصلاح وفي تثبيت سعر صرف الدولار».

 

وتوجه سعادة الى دياب قائلاً: «أرجوك بلا وعود كما فَعل مَن سبقك، لأنك لن تستطيع ان تفي بالوعد. والافضل ان تدلّ بالاصبع على مَن هم الناهبون اذا اردنا استعادة الاموال المنهوبة، نريد ان نعرف قبلاً من هو السارق».

 

جميل السيّد

وصف النائب جميل السيّد وَضع البلد بأنه «مأسوي»، وتمنى «لو انعقدت جلسات منذ انطلاق الثورة تحاكي ما يجري وتنطق باسم الناس ليعرفوا انّ مَن يمثّلهم يحاكي وجعهم ومطالبهم». وشَبّه الحال اليوم بـ»الحالة السوريالية الفوضوية غير المسبوقة، والتي لا ينطبق عليها أي نص دستوري في العالم». فقاطعه بري قائلاً: «ما خَلّونا نجتمِع، واليوم قدرنا نجتمِع بعد ما عملنا السبعة ودِمّتها بمساعدة القوى الامنية والجيش». وختم: «من الجريمة ان تصدر هذه الموازنة كما هي، وبشهادة وزير المال الذي قال بالفم الملآن انّ الايرادات المتوقعة أصبحت شبه خالية بفِعل منع الدولة من الجباية وعدم قدرة المواطن على التسديد، الأمر الذي كَبّلنا وكَبّل العالم، فكان من الطبيعي ان نخرج باقتراحات تترك مهلاً للناس لكي يتمكنوا من تسديد متوجباتهم المالية، وهذا عين الصواب».

 

وتوجّه السيّد الى حسان دياب قائلاً: «بما أنك تبنّيت هذه الموازنة يبدو انّ الشراكة حَلبية وطابخين الطبخَة سوى، فنقترح عليك تقديم مشاريع تعديلية وعلى هذا الاساس نوافق على هذه الموازنة».

 

هادي حبيش

بدوره، قام النائب هادي حبيش بمداخلة، فقال: «حكمت علينا الظروف ان تمثل أمامنا حكومة لم نعرف بعد رؤيتها المالية والاقتصادية ولا نعرف كيف ستتصرف إزاء الازمة، ولا كيف ستلائم ارقام الموازنة امامنا تماشياً مع الازمة. ومن علامات الازمنة ان تتمثّل امامنا حكومة تعطي رأيها بحكومة ونعطي رأينا بثقتها، ونريد أن نسأل هل هي موازنة الحكومة ام موازنة لجنة المال والموازنة؟ ونريد أن نسأل الحكومة كيف تنظر الى هذه الموازنة وما هي توقعاتها؟ هل لديها إمكانية لسدّ العجز في ظل أوضاع المصارف والتصنيف الائتماني اللبناني؟ فكيف ومن أين؟ وكيف ستتعامل الحكومة مع استحقاقات الدين العام وخاصة الاستحقاقات بالعملة الاجنبية اليوروبوند وما هو موقف الحكومة من نظريات افلاس الدولة، وكيف ستواجه الحكومة ارتفاع اسعار المعيشة بشكل مخيف؟ وانهيار القطاع الخاص وافلاس المؤسسات التجارية وهل تَعي الحكومة ما هي نسبة ارتفاع البطالة؟». ولفتَ حبيش الى «انّ معدل البطالة ارتفع في هذه الاشهر الى ما فوق الـ 10 % ليصبح اليوم 35 %، أي انّ 35 % من القوى العاملة ستكون في الشارع هذا العام». متسائلاً: «ما هي شبكة الحماية التي تحضّرها هذه الحكومة للتعامل مع هذه الكارثة؟».

 

الان عون

أما النائب ألان عون فقد شَدّد على أن «تَشارك المسؤولية مع المصارف التي تستنزف مدّخرات اللبنانيين وودائعهم لتمويل نفقات الدولة». وقال: «نفهم انّ الدولة تتموّل من الضرائب، ولكن حين تستعمل أصول ودائع اللبنانيين تكون قد قطعت الخط الأحمر». امّا عن النظام المصرفي، فقال: «إنغَشّينا بالنظام المصرفي، ويجب ان يعاود الى لعب دوره الريادي ولكنّ الأمر يتطلّب الاعتراف بالمسؤولية وعدم تحميل المسؤولية فقط الى السياسيين، أي يجب انخراط المصارف في الخطة الانقاذية وتحميلها مسؤولية الانهيار لأنه وَجب عليها ان تأخذ احتياطات قبل ان تغامر في توظيف ودائع الناس بفوائد عالية، ولو فعلت ذلك لَما وصلنا الى ما نحن عليه اليوم».

 

طرابلسي

من جهته، قال النائب عدنان طرابلسي: «عن أيّ موازنة نتحدث والاموال المنهوبة ما زالت منهوبة؟». وتمنى «الّا تقع حكومة حسان دياب كما وقعت سابقتها في موازنات واهية»، مطالباً بـ»موازنة تحقق الامن الغذائي والصناعي وليس موازنة تتوسّل الاموال الخارجية، بل تجلب الاستثمارات الاجنبية والعربية ودولة تعتمد الحوكمة».

 

التصويت

ثم بدأ التصويت على الموازنة وكان تصويتاً سرياً، ولم ينقل على الهواء بناء على طلب بري.

 

والجدير ذكره انّ نصاب الجلسة لم يكتمل إلّا بعد حضور نواب كتلة «المستقبل»، الذين عارَض بعضهم الموازنة وامتنع آخرون من التصويت عليها. فأقرّت الموازنة بـأكثرية 49 صوتاً ومعارضة 13 نائباً وامتناع 8 عن التصويت.

 

فياض

أما النائب علي فياض فقال بعد إقرار الموازنة، انّه تمّ اقرار مادة في الموازنة «تحمي المواطنين او الشركات الذين حصلوا على قروض مدعومة في حال التعثر عن السداد، تمنع المؤسسات المصرفية الدائنة من اتخاذ اجراءات عقابية بحق هؤلاء»، موضحاً انّ «المادة تغطي فترة زمنية من 1 تشرين الاول 2019 حتى 30 حزيران المقبل وهي بمفعول رجعي أيضاً». لافتاً الى انّ هذه المادة لا تعفي المواطنين من السداد في اصل القرض «اي انّه بعد انقضاء فترة 30 حزيران واذا كانت الازمة الاقتصادية مستمرة فسنتقدّم بتمديد لمواكبة الازمة وتخفيف آثارها عن المواطن. ولكن اذا تمكنا من الخروج من الأزمة فان المواطن غير معفي من القروض في هذه المرحلة ويجب ان يسدّدها، لكن لا يترتب عليها اي اجراءات جزائية بما فيها رفع معدلات الفائدة». وأشار، أنّ هذه المادة هي بمثابة تشريع مبدئي وتحتاج الى آلية، لافتا الى «أننا ندرس التشريع المناسب لحماية المواطنين الذين أخذوا قروضا غير مدعومة».