من المتوقّع ان يتحول قرار السماح للبلديات في المناطق باعطاء رخص بناء، الى مادة تجاذبات حامية، خصوصا ان الانقسامات حول هذا الموضوع حادة، وتنطلق من حسابات مناطقية لا علاقة لها بالانتماءات السياسية.
تشهد لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه جلسة حامية اليوم لمناقشة تعميم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الصادر الاسبوع الماضي، والذي يسمح للبلديات والقائمقاميات بإعطاء تصاريح البناء حتى 150 متراً مربعاً.
تشمل التصاريح بناء طابق واحد أرضي يخصص لسكن طالب التصريح أحد أصوله أو فروعه فقط، لا تتجاوز مساحته 150 م2، أو طابق أول فوق بناء موجود على ألا يتجاوز ارتفاع البناء الإجمالي بما فيه الطابق الإضافي المراد إعطائه التصريح السبعة أمتار، أو طابقين بما فيهما الطابق السفلي.
وفيما اعترضت نقابتا المهندسين في بيروت والشمال على قرار وزير الداخلية معتبرة انه يتعارض مع قوانين البناء والتنظيم المدني وقوانين وأنظمة المهنة، يلقى هذا التعميم ترحيباً من قبل معظم نواب المناطق، وهم اكثرية أعضاء لجنة الاشغال.
ومن المتوقع ان يكون النقاش ساخناً خلال الجلسة اليوم في حضور رئيسي نقابتي المهندسين وممثل عن وزير الداخلية ومدير عام التنظيم المدني بالاضافة الى اعضاء اللجنة وعدد من نواب المناطق الآخرين، كون هذا الموضوع شعبيّ يستقطب اهتمام المواطنين في كافة المناطق.
ديب
من جهته، أطلق النائب حكمت ديب عضو لجنة الاشغال النيابية صرخة في هذا الصدد، معتبراً ان قرار وزير الداخلية أمرٌ لا يجوز، وسيؤدي الى فوضى عمرانية عارمة ستضاف الى الفوضى القائمة من ناحية الابنية غير المرخصة وغيرها من المخالفات.
وسأل: ما دور التنظيم المدني وآلاف الموظفين المعنييّن في تطبيق قانون البناء، إذا كنّا سنوكل هذه المهمة الى البلديات؟
ولفت ديب لـ«الجمهورية» الى ان مساحة 150 م2 المسموح بها وفقا لهذا التعميم ستتحوّل الى 200 و300 متر مربع، لأن المراقبة مناطة بالقوى الامنية التي يقع خارج مهامها تحديد المساحة الفعلية للبناء ومساحة التراجعات بالاضافة الى التأكد من تطبيق الشروط العمرانية المذكورة في التعميم.
وفيما اشار ديب الى ان هناك الكثير من المستفيدين في هذا المجال، قال ان هذا القرار سيتيح امام النافذين الافادة منه وتوزيعه بطرق انتخابية. واوضح ديب ان وزير الداخلية لم يحدد في التعميم، المناطق التي تستفيد من هذا التعميم، بل انه أبلغ كافة المحافظين من دون استثناء.
هاشم
في المقابل، اعرب النائب قاسم هاشم عضو لجنة الاشغال النيابية عن تأييده لقرار وزير الداخلية خصوصاً «انني أمثل منطقة، جزء منها غير ممسوح لغاية اليوم، وهناك تعقيدات في الحصول على رخص بناء من قبل التنظيم المدني».
وقال لـ«الجمهورية» «ان هذا القرار يحلّ أزمات قائمة في جزء كبير من المناطق غير الممسوحة في البقاع وعكار والجنوب على سبيل المثال، وفي مناطق اخرى تعاني من مشاكل قانونية، حيث سيتم السماح للبلديات باعطاء تصريح بناء ضمن الاصول ملتزمة بالاسس الطبيعية لرخص التنظيم المدني، ومن دون ان يؤدي ذلك الى حصول اي فوضى او تشويه عمراني». واعتبر هاشم ان البلديات يمكنها ضبط الامور من خلال بعض الشروط المتشددة، ومن خلال الالتزام بالاصول وعدم تشييع الفوضى.
تابت
من جهته، اعتبر نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت الذي يشارك في اجتماع لجنة الاشغال اليوم ان هذا القرار ليس بجديد، «ففي السابق اتخذت قرارات عدة مشابهة، انما الجديد اليوم ان هذا القرار سمح بتشييد 3 طوابق، وكل طابق بمساحة 150 مترا مربعا. واللافت في هذا القرار انه يستثني المدن الكبرى والاقضية والمحافظات، اي عمليّاً هو يتوجّه نحو المناطق النائية والقرى الريفية والصغيرة».
وقال لـ«الجمهورية» انه «فيما ينصّ القرار على اعطاء تصريح على اساس احترام قانون البناء، فان المشكلة للأسف تكمن في كون هذه البلديات الصغيرة لا تملك جهازاً فنياً ولا مهندسين مؤهلين على الاشراف على سير البناء والتأكد من تطابقه مع رخصة البناء، على عكس المدن الكبرى ومراكز الاصطياف حيث تتوفر هذه الميزات.
أضاف: الى جانب هذه الاسباب، نخشى ايضاً ان يؤثر تطبيق هذا القرار على السلامة العامة، فنحن يوميا نتلقى شكاوى من حوادث تحصل ناتجة عن تصدّع بعض المباني او ابنية مخالفة او تشييد ابنية من دون خرائط تنفيذية.
كما اوضح «انه في نقابة المهندسين، وبعد ان يتقدم المهندس بطلب رخصة بناء، يستحصل على اذن مباشرة تنفيذ، وفي هذه المرحلة المطلوب من المهندس التقدم بخرائط تنفيذية كاملة تشمل الخرائط الانشائية والتفصيلية وذلك لضمان سلامة البناء، بالاضافة الى دراسات على ان البناء قادر على مقاومة الزلازل ودراسة للتربة والاساسات».
وابدى تابت خشيته من تكرار تجربة سابقة حيث فرضت الدولة غرامات على ابنية شُيّدت بهذه الطريقة حيث أعطت لها تراخيص في السابق ثم فرضت على اصحابها غرامات 3 أضعاف الرسوم، وفقاً لقانون تسوية المخالفات.
ختم: انطلاقا من ذلك نؤكد ان هذا القرار انتخابي محض يعارض كل المبادئ، اوّلها التنظيم المدني، ثانيا السلامة العامة وثالثا مصلحة المواطنين.