Site icon IMLebanon

قانون «قيصر» يفرض على لبنان الحذر وسلوك الخيارات الأقل ضرراً

 

مواجهة الواقع تستوجب تغييراً حتمياً في أداء الحكومة لتلافي التداعيات المُحتملة

 

 

في غمرة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها لبنان، وفي ظل الضبابية التي تكتنف المفاوضات التي يجريها مع صندوق النقد الدولي، فإن تداعيات قانون «قيصر» الأميركي قد فرضت نفسها ضيفاً ثقيلاً على الأجندة الداخلية، توازياً مع إصرار أميركي على المزيد من العقوبات تجاه «حزب الله» وشخصيات لبنانية مؤيدة له، وهو الأمر الذي يثير المخاوف من زيادة الضغوطات على لبنان ومؤسساته، في الوقت الذي يجهد من أجل إقناع صندوق النقد بورقته الإصلاحية، على الرغم من التفاوت في الأرقام بين ما قدمه الوفد المفاوض، وما قدمه حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، الأمر الذي أثار كثيراً من التساؤلات حول الأرقام المالية الحقيقية.

 

وتشدد أوساط سياسية بارزة لـ«اللواء»، على أن الحكومة اللبنانية التي تمر بظروف لا تحسد عليها، مطالبة بالتعامل مع هذا التطور المتعلق بقانون «قيصر»، أو أي تطور آخر، انطلاقاً من السؤال المركزي، وهو كيف يمكن تلافي أي تداعيات سلبية على لبنان؟ وما هو الخيار الأقل ضرراً على لبنان الذي يجب أن تقدم عليه الحكومة؟ بمعنى أنه يتوجب على الحكومة أن تدرس جيداً أين تكمن المصلحة اللبنانية من أجل مواجهة أي تداعيات في هذه المسألة، مشيرة إلى أن التعاطي مع هذا الملف الدقيق، يجب أن يكون بما يضمن تجنيب لبنان أي انعكاسات سلبية، سيما وأن العقوبات الأميركية كانت تاريخياً تتصل بأفراد وكيانات خاصة، ولم يصدف أنها ذهبت باتجاه الدولة اللبنانية. وبالتالي فإن الأساس بالنسبة إلى لبنان، هو كيفية تجنيب لبنان ومؤسساته تداعيات هذه العقوبات.

 

وأشارت الأوساط إلى أن لبنان ملزم بعدم مخالفة منطوق قانون قيصر، لأن النتائج في حال عمد إلى الالتفاف على العقوبات التي يتضمنها، لن تكون في مصلحته على الإطلاق، ولذلك لا خيار أمام لبنان إلا البحث عن مصلحته، وبما يجنبه أي تداعيات محتملة، وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح، هل أن مصلحة لبنان، في بقاء العلاقات مع النظام السوري بهذا الشكل؟ وبما يكتنفها من غموض، يمكن أن يصيب لبنان بشظايا هذه العقوبات، في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها. وهذا ما يفرض الالتزام بمضمون ما ينص عليه قانون «قيصر»، عدم تعامل لبنان مع النظام السوري بأي شكل من الأشكال، وعلى لبنان أن يبتعد عن كل ملفات التعاون مع الجانب السوري التي تثير حفيظة الأميركيين في إطار هذا القانون.

 

حكومة حسان دياب، معنية بتحمل مسؤولياتها على أكمل وجه، بعيداً من التنظير السياسي

 

وتشدد على أن الظروف التي يعيشها لبنان تستوجب، تغييراً حتمياً في نهج الحكومة المتبع، باعتبار أنه ما عاد ممكناً الاستمرار في نفس أسلوب المعالجة الذي لم يثبت جديته، خاصة وأن من يعيق خطوات الحكومة الجدية هي الأكثرية الحاكمة التي تمنع هذه الحكومة من القيام بدورها في ملفين أساسيين يجسدان واقع الحال. ملف المعابر غير الشرعية الذي يرفض «حزب الله» اتخاذ الخطوات المطلوبة لإقفالها، لأن عملية إقفالها توفر على الخزينة مليارات الدولارات، وفي الوقت نفسه تشكل مدخلاً للثقة الدولية بالمؤسسات اللبنانية التي يحتاجها البلد في ظل هذه الظروف. كذلك فإن ملف الكهرباء يشكل أكبر مصدر للعجز في المالية العامة، ولا يبدو أن الفريق الذي يحكم قبضته على هذا القطاع مستعد للتنازل عن مكاسبه التي يجنيها. وهذان الملفان يؤكدان, كما تقول الأوساط، أن الحكومة فاقدة لقراراتها، ولا تستطيع التحرك في الاتجاه الذي يجب أن تتحرك فيه.

 

وفيما تشير كل المعطيات المتوافرة، إلى أن الأميركيين متجهون للتشدد أكثر من أي وقت مضى في محاربة الإرهاب في المنطقة، مع ما يمكن أن يطال لبنان من آثار محتملة للعقوبات المنتظرة، فإن حكومة حسان دياب، معنية بتحمل مسؤولياتها على أكمل وجه، بعيداً من التنظير السياسي الذي لن يقودها إلى مكان، كي لا تتحمل تبعات ما قد يحصل داخلياً وإقليمياً، سيما وأن التحركات المطلبية للثوار بدأت بالظهور، ما يؤشر إلى ما ينتظر الحكومة من متاعب وأزمات لن تكون بالتأكيد قادرة على التصدي لها، إذا لم تأخذ بعين الاعتبار، أهمية اتباع نهج جديد في تجاوز هذا الأزمات، لا يبقي قرارتها رهينة في أيدي غيرها.

 

ولا ترى الأوساط غرابة في أن يصبح موضوع السلاح غير الشرعي، أحد عناوين التحركات الاحتجاجية، باعتبار أنه شكل ولا يزال غطاء للدويلة على حساب الدولة، في وقت تبدو الأجهزة اللبنانية عاجزة عن القيام بدورها في التصدي لعمليات التهريب القائمة عبر المعابر غير الشرعية، لأن هذا السلاح يشكل تغطية للمهربين منذ سنوات طويلة، عدا عن أنه يقوّض ركائز الدولة ويعطل عمل مؤسساتها.