وجَّه الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان الذي رسب في انتخابات 1981 رسالة تهنئة الى الرئيس المنتخب فرنسوا ميتران قال فيها: «أبعث بأحرّ الأماني الى فرنسوا ميتران على انتخابه رئيساً للجمهورية وأعتقد أنني بذلتُ ما في وسعي لأشرح لنساء فرنسا ورجالها معنى عواقب اختيارهم…»
ولعلّ رسالة التهنئة التي وجهتها هاليري كلينتون المرشحة الرئاسية التي رسبت الى الرئيس الأميركي المنتخب، وإنْ كانت قد نطقت باللغة الإنكليزية إلا أنها تحمل المضمون الفرنسي.
وربما كان هذا النوع أيضاً من الرسائل الضمنية قد وُجِّه لتهنئة العماد ميشال عون بالرئاسة.
إلاّ أن هذا التخاطب بلغات التهنئة على اختلافها لا يصحّ أن يكون حكمةً مأثورة تنطبق على سائر الحالات والإنتخابات الرئاسية، ولا يصح أن نحكم على إسم الرئيس المنتخب قبل فعْله، وعلى شرِّه قبل خيره، وقبل حكم المئة يوم على الأقل، وهي المدّة التي باتت تُحْتسبُ في مسيرة الحكام، إنطلاقاً من حكم المئة يوم الذي قضاه نابوليون بعد عودته من جزيرة «إلبا» في المنفى.
إلا أنَّ الرئيس ميشال عون الذي حمل حقيبة الإصلاح والتغيير شعاراً لمسيرة الإنطلاق نحو طريق بعبدا، إذا شاء أن يسفّه ما بذَلَهُ الرئيس جيسكار ديستان في شرح عواقب اختيارهم لنساء فرنسا ورجالها، فما عليه إلا أن ينتهج سياسة التغيير والإصلاح التي اعتمدها الرئيس الفرنسي شارل ديغول في جمهوريته الخامسة، وهي النقيض للجمهورية الرابعة التي ورثتها فرنسا عن الحرب العالمية الثانية، والتي فشلت بسبب قيام الوزارات الفاسدة، وسقوط الوزارات، وانهيار الوضع الإقتصادي، وإضرابات العمال، والتدخّل في حرب الآخرين في الجزائر.
إنها الصورة المطابقة تماماً للجمهورية الرابعة التي ورثها العماد ميشال عون، وفي اعتقادنا أن الرئيس عون قادر على إنقاذ الجمهورية الخامسة من رواسب الجمهورية الرابعة، ليس لأنه الرئيس القوي بالقدرة الشعبية التي تلوّح بالشارع، بل لأنه الرئيس القوي القادر على تطبيق الدستور بقوته الشخصية والمعنوية والرئاسية.
حيث لا دستور ليس هناك جمهورية…
وحيث لا جمهورية، لا بدّ من ثورة، حامية كانت أو باردة…
الثورة الحامية ينتفض فيها الشعب بالعنف على ظلم السلطة..
والثورة الباردة تنتفض فيها السلطة على نفسها بواسطة ديمقراطية الدستور.
ولاية العماد عون هي نوع من الثورة الباردة، ولا تحتاج الى كثير من المعجزات الخوارق، أو الى ما يعرف بعهد الفلسفة والتنوير وصولاً الى هدم «الباستيل».
خمسة عناوين تختصر خطاب القسم، وتشكل قاسماً مشتركاً للبنانيين الذين من دونها يشتعلون جميعاً بعود كبريت واحد.
– إعادة الإسم المخطوف للدولة اللبنانية.
– تطبيق مواد الدستور والقوانين سواسية بين طبقة الأشراف ورجال الكهنوت وعامة الشعب.
– المحافظة على الإستقرار الأمني والنمو الإقتصادي.
– قانون انتخاب عصري يجدد الطبقة السياسية المستمرة بالهيمنة والوراثة.
– ضرب الفساد «بعصا تتحوّل الى أفعى لتبتلع كل أفاعي مصر».
فإذا أنجز الرئيس عون ما بهِ وعد، إستحق أن يكون جنرال الجمهورية الخامسة، واستطاع التاج عن حق أن يعالج وجع الرأس.