IMLebanon

عاصمة العيش الواحد

لم يكن الرئيس نجيب ميقاتي يتوقع صدمة انتخابية في الانتخابات البلدية، في العاصمة الثانية.

ضبَّ أوراقه واللوازم، واستعد للسفر في اليوم التالي.

لكنه، عند التاسعة ليلاً، اكفهرَّ وجهه، بعدما وصلت اليه أخبار مفادها أن صديقه الوزير المستقيل أشرف ريفي يجتاح ما كان يعتقد أنها له.

ساعتئذٍ أدرك رئيس الوزراء السابق، أنه والرئيس سعد الحريري يتقاسمان الخسارة.

وأن الوزير أشرف ريفي يتقاسم مع الاثنين كارثة الغياب المسيحي، وانحسار الدور العلوي، في مضامير الفوز.

ويُقال إن نجيب ميقاتي أدرك أنه الخاسر الأكبر أمام الناجح الأبرز.

***

ولو فاز الوزير المستقيل بأصوات مسيحية وعلوية، لكان فوزه مبيناً، لأن طرابلس هي مدينة الحصانة الطائفية، ورمز التنوع السياسي.

منذ مئوية القرن كانت طرابلس ولا تزال رمزاً للتنوع السياسي، ولم تكن يوماً صورة عن الانعزال السياسي.

كانت دائماً مدينة شاعر الفيحاء سابا زريق، ومفكرها الكبير جورج صرّاف، ورائد الحرية فيها.

وكانت العاصمة الثانية ملتقى الأحرار، من زغرتا الى الكورة، ومن عكار الى البترون، ولم تكن راضية عن قول الوزير أشرف ريفي، إن خلافه مع سعد الحريري قد بدأ منذ اعلانه ترشيح النائب سليمان فرنجيه.

لم تهضم طرابلس ألا يكون فيها مسيحيون ومسلمون يتفوقون على سواهم بأنها مدينة التنوع!!

لكن، ومع ذلك، لم يكن أحد يتوقع أن يفوز أشرف ريفي بمقاعد مضاعفة من الأصوات، على الرغم من انحناءة الخاسرين أمام الفائزين.

***

إلا أن السؤال الصعب، هو كيفية التعايش مع ارادة العيش المشترك، في فيحاء الشمال.

ولا يتصور أحد الآن، كيف استقال النائب روبير فاضل من النيابة، ووالده كان طوال حقبات يغدق عليها بالمحبة والوفاء، وقد خرج يوم رحيله عشرات المواطنين في وداعه، واقترن اسم موريس فاضل بأسماء الأحرار من مواطنيها.

انتخابات طرابلس البلدية بروفة للانتخابات النيابية المقبلة. ولا أحد يمكنه أن يعزل الصوت المسيحي عن الصوت العلوي، أو عن الأصوات الاسلامية.

لكن النكسة الانتخابية لن تبرد بسهولة، لأن العيش المشترك هو الأصالة السياسية في العاصمة الثانية.

ذهب ذات يوم الناخبون الى صناديق الاقتراع.

إلاّ أن الناخب الطرابلسي اقترع هذه المرة خلافاً للواقع الذي كان يرسو عليه مستقبله.

والآن، يفكّر المواطنون في نتائج التصويت وفي أذهانهم صورة غامضة عن النتائج، لكنها واضحة على كل حال.

وبعد فزّاعة التصويت لا بد من صرامة التصويت لأن فيحاء الشمال مدينة الليمون هي دائماً عروس تبحث عن عريس وهو، على كل حال، رمز العيش الواحد.