ادّعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على الموقوف علي فياض بجرم «دعمه منظمة إرهابية كولومبية وبيعها أسلحة حربية وصواريخ ومواد إرهابية بهدف محاربة الأميركيين»، وأحال ملفه على قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا للتوسع في التحقيق.
في القانون العسكري، أوضح وكيل فياض المحامي كمال الحاف، في حديث إلى «الأخبار»، أن صقر «يحق له الادعاء على فياض بعد أن تسلم الملف من النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان التي تسلمته بدورها من النيابة العامة التمييزية». لكن ماذا عن معايير السيادة الوطنية؟ وهل كان صقر مجبراً على الادعاء على فياض، في وقت يعطيه القانون حق حفظ الملف بقدر ما يعطيه حق الادعاء، خصوصاً أن القضاء التشيكي وافق على إخلاء سبيله لعدم كفاية الدليل على التهمة المنسوبة إليه من الولايات المتحدة؟ في ادّعائه، استند صقر إلى حرفية المزاعم الاميركية، مستخدماً عبارة «محاربة الأميركيين» في معرض توصيفه لجرم فياض. فهل بات القضاء اللبناني ضنيناً بالذود عن الأميركيين بعدما رفضت وزيرة العدل بالوكالة أليس شبطيني الطلب الأميركي بتسليم فياض إلى السلطات الأميركية بسبب عدم وجود اتفاقية استرداد بين البلدين؟ وما هي التحقيقات الاولية التي استند إليها للادعاء على فياض؟ هل بين يدي القاضي صقر «أدلة» غير المزاعم الاميركية التي ينفيها الموقوف؟ إذا كان القانون اللبناني يحظر استدراج شخص في لبنان من قبل الضابطة العدلية ودفعه إلى محاولة ارتكاب جرم ما أو إلى ارتكابه، وما دام القانون اللبناني يُعاقِب المستدرِج ويبرّئ المستدرَج، فلماذا يثبّت القضاء سابقة الادّعاء على لبناني بجرم لم يرتكبه، بل تزعم أجهزة استخبارات دولة أجنبية أنه ارتكبه، ولا تنفي أن تكون قد استدرجته إلى محاولة ارتكابه؟ ألا يرى القضاء اللبناني «خصومة شخصية» بين الأميركيين وعلي فياض، بسبب دوره في تصدير السلاح الأوكراني سابقاً إلى دول يريد الأميركيون احتكار بيع السلاح لها؟ وهل باتت برقيات أجهزة الاستخبارات الأميركية، المقنّعة بورقة من الانتربول، تملك القوة القانونية ذاتها لمحاضر التحقيق لدى الضابطة العدلية؟ كلها أسئلة لا إجابة واضحة عنها، في انتظار ما سيصدره القاضي أبو غيدا.
للتذكير، فإن فياض، حامل الجنسية الأوكرانية ومستشار وزير الدفاع الأوكراني لشؤون الشرق الأوسط والمسؤول عن صفقات بيع السلاح في شركة «أوكروكروم» الأوكرانية للتصنيع الحربي، استدرج نهاية عام 2014 من لبنان إلى تشيكيا على يد اللبناني فوزي جابر، بحجة الاتفاق على صفقة سلاح. عند وصوله إلى براغ، أوقفته السلطات التشيكية بناءً على مذكرة توقيف صادرة عن القضاء الأميركي بتهمة تجارة السلاح بصورة غير شرعية والتواصل مع منظمة «فارك» الكولومبية التي تصنّفها أميركا إرهابية. مكث فياض في السجن التشيكي عاماً و10 أشهر قبل أن يوافق القضاء التشيكي على الإفراج عنه في إطار صفقة تبادله وفوزي جابر وخالد المرعبي (موقوف بتهمة مخدرات) مع التشيكيين الخمسة الذين اختطفوا في لبنان. طوال مدة توقيفه، «لم يدنه القضاء التشيكي لأن أميركا لم تقدم الدليل على إثبات تورطه في تجارة سلاح غير شرعية في تشيكيا أو أميركا» بحسب الحاف. حتى إنه «رفض التوقيع على تعهد بعدم مقاضاة القضاء التشيكي لتوقيفه اعتباطياً طوال تلك المدة».
اللافت أن الإنتربول أصدر مذكرة توقيف ثانية بحق فياض بالتهمة ذاتها قبل حوالى شهر من إبرام صفقة التبادل. بناءً على تلك المذكرة، أوقفه الأمن العام في مطار بيروت وحوّله إلى النيابة العامة التمييزية مع طلب أميركي لتسليمه لمحاكمته في أميركا. منذ مطلع شباط الماضي، لا يزال فياض موقوفاً في نظارة قصر العدل في بيروت.
إلى المحكمة العسكرية، أحيل ملف فياض. بحسب الحاف، من المنتظر أن يمثل أمام قاضي التحقيق الأول رياض أبو غيدا في الأيام المقبلة. السفارة الأميركية في بيروت تتابع عن كثب مسار القضية، في حين يستعد الحاف بالوكالة عن فياض لرفع شكوى ضد القضاء التشيكي لتوقيفه اعتباطياً «بعدما ثبت عدم ارتكابه أي جرم في تشيكيا وأميركا».