يواجه نقيب الأطباء ريمون الصايغ، ورئيسة لجنة التحقيقات المهنيّة كلود سمعان، دعوى قضائية تتّهمها بـ«التزوير وإعطاء تقرير كاذب وإخفاء مستندات». رفع هذه الدعوى والد الطفلة صوفي مشلب، المشتبه في أنها من ضحايا الأخطاء الطبيّة في لبنان، مستنداً إلى تقرير طبيّ تسلّمه من النقابة بموجب قرار قضائي صدر بعد ثمانية أشهر من رفض تسليم التقرير
تقدّم فوزي مشلب بشكوى أمام قاضي التحقيق الأوّل في جبل لبنان، ضدّ نقيب الأطباء في بيروت ريمون الصايغ ورئيسة لجنة التحقيقات المهنيّة في النقابة كلود سمعان، بتهم «التزوير، وإعطاء تقرير كاذب، وإخفاء مستندات أساسيّة»، في ملف ابنته الطفلة صوفي، التي أصيبت في عمر الشهر بضرر دماغي وكلوي دائمين، ما حرمها الحركة وعطّل حواسها طيلة عمرها.
يشتبه والد الطفلة في حصول سلسلة من الأخطاء الطبيّة في فترة علاجها في مستشفى «القديس جاورجيوس» (الروم) في حزيران 2015. وتستند الدعوى، التي قد تكون الأولى ضدّ نقيب أطباء في لبنان، إلى المادتين 466 و471 من قانون العقوبات، اللتين تنصّان على «عقوبة الحبس من شهرين إلى سنتين لكلّ من أقدم حال ممارسته وظيفة عامّة أو خدمة عامّة أو مهنة طبيّة أو صحيّة على إعطاء شهادة كاذبة، أو زوّر أوراقاً خاصّة، أو زوّر بواسطة التحريف شهادة معدّة لكي تقدم إلى السلطة العامّة، أو من شأنها أن تجرّ على الغير منفعة غير مشروعة، أو تلحق الضرر بصالح أحد الناس».
لم يتبلّغ نقيب الأطباء ريمون الصايغ الدعوى حتى الآن، وفق ما أكّده في اتصال مع «الأخبار»، وقال «لا تعليق لديّ، وعندما أتبلّغ نصّ الدعوى رسمياً، سنقدّم جواباً للقضاء وفق ما ينصّ عليه القانون، وللإعلام إذا اقتضت الحاجة»، وعن اتهامه مع رئيسة لجنة التحقيقات المهنيّة في النقابة الطبيبة كلود سمعان بتزوير وإخفاء مستندات وإعطاء تقارير كاذبة، ردّ الصايغ: «هذه الممارسات ليست من شيمنا، الله لا يقدّر نكون مزوّرين. قد يكون هناك سوء تفاهم ما مع أهل الطفلة، وسنردّ على الأمور وفق الأصول عند تسلّمنا الدعوى».
الصايغ: سنردّ على الأمور وفق الأصول عند تسلّمنا الدعوى
في نصّ الشكوى، تدّعي الجهة المدّعية أن رئيسة لجنة التحقيقات المهنيّة حاولت «إخفاء التقارير والمستندات عن اللجان الطبيّة التي استُطلعت آراؤها في ملف الطفلة خلال التحقيقات في النقابة، فضلاً عن الوقائع التي حاولت تحريفها»، وتشير الجهة المدعية في هذا السياق الى التقارير والمستندات الآتية:
1- «صورة الرنين المغنطيسي التي أجريت للطفلة قبل خضوعها للعمليّة، وتم تجاهلها من قبل النقابة عند إصدار التقرير النهائي عن لجنة التحقيقات المهنيّة في كانون الأوّل الماضي»؛ فقد عرض تقرير اللجنة ثلاثة احتمالات للضرر: الولادة المبكرة والتشوّهات الخلقيّة وخلل جيني، و«هي احتمالات تدحضها صورة الرنين المغنطيسي، ويؤكّد التقرير المرفق بها الصادر عن مستشفى الجامعة الأميركيّة في بيروت أن دماغها كان سليماً وطبيعياً قبل العمليّة».
2- «تقرير لجنة الإنعاش والتخدير»، الذي استحصلت عليه عائلة الطفلة بموجب قرار قضائي بعد ثمانية أشهر من صدوره، إذ كانت نقابة الأطباء تمتنع عن تسليمه بحجّة أن الملف بات في عهدة القضاء. وترى الجهة المدعية أن هذا التقرير هو الأهمّ في ملف الطفلة الطبيّ، معتبرة أنه «يوزّع المسؤوليات على مستشفى القديس جاورجيوس، والطبيب الجرّاح (ن. د.)، ومعاونته الطبيبة (ر. م.)، وطبيب الأطفال في المستشفى (ر. ص.)، وطبيب التخدير (ز. ف.)»، وترى الجهة المدّعية أن التقرير المذكور يقدم أدلة على أن صوفي كانت «ضحيّة إهمال فاضح وأخطاء طبيّة متراكمة قبل العمليّة وخلالها وبعدها، التي أجريت لها في عمر الشهر من دون موافقة أهلها، ويعيد سبب الضرر الدماغي والكلوي إلى التسرّع في إخضاعها لعمليّة جراحيّة غير طارئة، وعدم معالجة فقر الدمّ لديها أو نقل كمّيات الدم اللازمة لها، إضافة إلى عدم مراقبة حالتها خلال العمليّة وقياس ضغطها الذي انخفض حتى معدّل 16 ملم زئبق، من دون معرفة ذلك، بسبب افتقار المستشفى إلى جهاز مراقبة الضغط، فضلاً عن إعطائها جرعة زائدة من المخدّر، وعدم مراقبة البول خلال العملية وفي مرحلة الإنعاش، وعدم اتخاذ أي إجراء طبيّ لمعالجة الضرر الكلوي الحاصل».
3- تشتبه الجهة المدعية في وجود «تحريف للوقائع الثابتة في ملف الطفلة ومحاولة نسب الضرر الدماغي تارة إلى ما قبل العمليّة وتارة أخرى إلى ارتداد معويّ تعرّضت له الطفلة بعد العمليّة في عمر التسعة أشهر». وتدّعي الشكوى أن الفرضيّة الأخيرة يدحضها تقرير مستشفى القديس جاورجيوس الذي يظهر فيه أن الطفلة «لم تصب بارتداد معوي في تلك الفترة، وأنها دخلت المستشفى للعلاج من عدوى فيروسيّة في الرئة».