لِتعرف ما يجري في جل الديب، إعرف ما يدور في المعركة الرئاسية. فالصراع الرئاسي هو ما يتحكّم بالعلاقة بين القيادات المسيحية في لبنان. هذا واقعٌ منذ قيام الجمهورية حتى اليوم. ولا متسعٌ في المجال للعودة إلى الأمثلة والنماذج كلها. هذه العلاقة هي، اليوم، على تدهورٍ مروّع ويتجه لأن يصبح أكثر شدةً.
المرشحون المسيحيون الحزبيون اليوم، المتصارعون علناً، على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا هم رؤساء أحزاب التيار الوطني الحر جبران باسيل، والقوات اللبنانية سمير جعجع، والكتائب اللبنانية سامي الجميل وتيار المردة سليمان فرنجية.
الحساب على الورق، كما هو في هذه المرحلة، يُعطي أفضلية نيابية عددية لسليمان فرنجية الذي تُشير المعلومات المتوافرة إلى أنه يحظى بتأييد الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والوزير وليد جنبلاط وربما سماحة السيد حسن نصرالله. طبعاً إذا لم يطرأ تغييرٌ على الخريطة السياسية.
ولكن هذه “الحِسبة” لا تكفي، فالمعلومات إياها تُشير إلى أن الأحزاب المسيحية الثلاثة الأخرى “غير ماشية”. وفق هذه المعلومات، فإن الدكتور جعجع لا يؤيد فرنجية. والوزير باسيل خصمه اللدود. والشيخ الجميل ليس بوارد إنتخاب أي مرشح من 8 آذار كما سبق وتعهّد مراراً وتكراراً.
حصرنا البحث في من يؤيد أو يعارض فرنجية كونه يحظى بأكثرية نيابية ظاهرة حالياً. أما باسيل وجعجع (الذي يحظى بدعمٍ عربيٍ وازن) فأمام كلٍ منهما عقباتٍ بارزة. بمعنى أن كلاً من الاربعة يُجمع الثلاثة الباقون على التكتل ضدّه. أي أن كل ثلاثة يُعارضون الرابع من دون أن يلتقوا على واحدٍ منهم.
قد يبدو هذا الكلام مبسّطاً لأنه يُسقط التأثير الدولي من الحساب، وهذا غير دقيق، فللقوى الدولية، أو لبعضها تحديداً، فاعليةٌ في القرار وإن لم تكن ذات التأثير الأوحد.
خارج هذا السياق، تتجه الأنظار إلى رجل الاعتدال والبصيرة والخبرة الوزير جان عبيد. وكذلك نحو النائب الشاب ميشال معوّض الذي، على غرار المرحوم والده الرئيس الشهيد المرحوم رينيه معوّض، يحفر الجبل بالإبرة… ولكنّه يحفر.
ولكن هل تبقى رئاسة؟!. وهل يبقى كرسي حتى يوم الاستحقاق؟!.