IMLebanon

تحديات الارهاب  والنظام المالي العالمي

مفاعيل القانون الأميركي الذي تطبّقه المصارف اللبنانية، بالاضطرار لا بالخيار، أقوى بالطبع من مفعول التفجير الارهابي الذي استهدف بنك لبنان والمهجر. ولا شيء جاء كصاعقة في سماء صافية. فالعقوبات التي فرضها الكونغرس على حزب الله هي سلاح من بين أسلحة عدة مستخدمة في صراع محاور اقليمية ودولية في أكبر لعبة جيوسياسية تدور في حروب سوريا والعراق واليمن. والتفجير وقع في مناخ مأزوم. وليس خارج المألوف ان تلتقي ردود الفعل المستنكرة للتفجير على انه رسالة. ولا ان تنقسم الآراء حول قراءة ما في الرسالة تبعاً لموقف كل جهة وموقعها ولتصور المرسل: هل هي تحذير الى المصارف والباقي من السلطة لفرض مرونة في التطبيق؟ هل هي محاولة لاستغلال الأزمة بين حزب الله والمصارف من جانب طرف ثالث جاءته فرصة لتوظيف الجريمة في الدفع نحو الفتنة المشتعلة في المنطقة والتي تجنبها لبنان حتى الآن؟ هل هي حلقة جديدة في سلسلة الهجمات الارهابية تستهدف هذه المرة ضرب القطاع المصرفي؟

من المبكر تقديم جواب، بصرف النظر عن مسارعة كثيرين الى تسمية الفاعل أو تزويره أو تجهيله. ولا أحد يعرف ان كان التحقيق سيكشف الجهة التي قامت بالتفجير. لكن الكل يعرف ان ما يبقى مجهولاً، على الرغم من كفاية الأجهزة الأمنية وقدرتها على كشف الخلايا الارهابية النائمة، هو المعلوم. والمفترض ان يعرف الجميع أيضاً أنه لا مصلحة لأي طرف، بما في ذلك حزب الله، في أخذ لبنان الى حيث كانت ايران مفصولة بالعقوبات عن النظام المالي العالمي الذي تديره عملياً أميركا. ولا مصلحة للمصارف في التشدد بأكثر مما يطلب الأميركي، ولا للبنان في التصرف كأن عمليات ارهابية قادرة على تدمير القطاع المصرفي.

ذلك ان اغلاق النظام المالي العالمي المدولر على أي بلد يجعله شبه مشلول، لأن نيويورك تلعب فيه دور القلب الذي يستقبل ويضخ الحسابات المصرفية على طريقة الدورة الدموية، فكيف اذا كان هذا البلد صغيراً وقليل الموارد ومضروباً باجتماع العجزين: الميزان التجاري وميزان المدفوعات، ومحكوماً بالفراغ السياسي مثل لبنان؟ وكيف اذا كان القطاع المصرفي في لبنان يقدم خدمات مهمة وملحة وضرورية لسوريا العالقة في حرب طويلة والخاضعة لعقوبات أميركية كما لسواها؟

لا مجال للتأثير بالقوة على النظام المالي العالمي، ولو كانت قوى دولية واقليمية وحتى تنظيمات محلية تستطيع ان تتحدى أميركا سياسياً. ولا مبرر لخوض معارك خاسرة سلفاً ومؤذية لكل الناس وحتى للذين لا يملكون حساباً في المصارف. أليس آخر ما بقي لنا هو الجيش والليرة؟