Site icon IMLebanon

تحديات الحراك المدني  والمعركة الوطنية السياسية

حراك المجتمع المدني مستمر ومتوسّع ومتصاعد. ومن الخطأ تصويره بأنه خارج السياسة لكونه خارج السياسيين. فهو، من قبل أن يرسم خارطة الطريق للمطالب الوطنية، في صلب السياسة بمعناها النبيل الذي يتعلمه الطلبة في الكتب: فن ادارة شؤون الناس. حتى في أزمة النفايات وفضائحها، فان الاعتراض سياسي بامتياز. إذ هو ضد سوء ادارة شؤون الناس عبر خليط من العجز والفساد والجهل والمحاصصة التي تديرها تركيبة سياسية – مالية على طريقة المافيا، ولكن ضمن مجلس عرابين.

ولا خيار سوى الثورة المستحيلة في لبنان أو النزول الى الشارع، عندما تتعطل السياسة، بالخلاف أو بالتواطؤ بين الشركاء في السلطة. فماذا نسمّي الامتناع عن إجراء انتخابات نيابية والتمديد لمجلس نيابي فشل بالقصد، في انجاز قانون انتخاب؟ ماذا نسمّي العجز المنظم عن انتخاب رئيس للجمهورية وادعاء القدرة على ادارة الشغور الرئاسي الذي تجاوز السنة وسط انهيار الانتظام العام في عمل المؤسسات؟ أليس ذلك أعلى المراحل في تعطيل السياسة؟

التحديات كبيرة جداً أمام الحراك المدني. لا فقط بالنسبة الى حجم الحشد والحفاظ على سلمية التظاهر وضبط محاولات المشاغبين المندسين لتشويه الحراك، بل ايضا بالنسبة الى تنظيم المطالب والاولويات والمراحل. صحيح ان المتحدثين باسم طلعت ريحتكم وبدنا نحاسب اوحوا ان المطالب صارت منظمة نوعاً ما، وليست محصورة في الفساد والنفايات والكهرباء ومحاسبة الذين مارسوا العنف ضد المتظاهرين بل وصلت الى الانتخابات على الطريق الى دولة مدنية ديمقراطية. لكن الصحيح ايضا ان المعركة طويلة، واحتياط النظام متعدد. ولا حاجة الى نبرة الانتصار وان كانت الثقة بالنفس ضرورية قياساً على قول غرامشي تشاؤم العقل لا يغلبه الا تفاؤل الارادة.

ذلك ان الحراك المدني يبدو كأنه يقوم بضربة سيف في الماء. فالهدف، وقمته اعادة تكوين السلطة، مطلوب تسجيله في مرمى حكومة فاشلة مفلسة عاجزة عن الانتاج وممنوعة من الاستقالة. واسلحة النظام فتاكة، وإن بدت ناعمة. اذ العصبيات الطائفية والمذهبية هي التي تدار بها المعارك الجيوسياسية في المنطقة الذاهبة الى حل المحاصصة الطائفية والمذهبية على طريقة النظام الطائفي في لبنان. وهو نظام لم تسقطه الحروب ولا الايديولوجيات، ولا حتى سقوط الدولة.

سلاح الحراك المدني هو اللاطائفية. والسلاح الحامي للتركيبة الحاكمة هو الطائفية. وأحدث التعبير عن هذا الواقع قول الرئيس نبيه بري: لولا الطائفية لكان المحتجون سحبونا من منازلنا.