IMLebanon

تحديات ما بعد  الحكومة والبيان

ليس في البيان الوزاري الذي تلاه الرئيس سعد الحريري في مجلس النواب أي مشروع ملموس ومفصّل قابل للنقاش العملي. فهو، مثل البيانات التي أعدّتها الحكومات السابقة، نوع من فرض انشاء عربي. وهو كالعادة باقة وعود جميلة والتزامات ضرورية وعناوين فخمة. بعضها مكرر بصيغ أخرى في البيانات الوزارية منذ الاستقلال. وبعضها الآخر جديد تفرضه المستجدات. ومعظمها عموميات تشمل كل شيء تقريبا من دون ضمان لأي شيء.

ولولا الطقوس الشكلية في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية، لما احتاجت الحكومة الى تلاوة بيان وزاري، ولما حظي النواب وتمتع اللبنانيون والعرب بثلاثة أيام من الخطابة. فضلا عن ان التقاليد في النظام اللبناني لها خصوصية. فلا الحكومات تتصرف على أساس انها محكومة بتنفيذ ما التزمته في البيانات. ولا المجالس النيابية تحاسب الحكومات على التقصير في التنفيذ. ولا الثقة مرتبطة بما في البيان الوزاري.

ذلك ان الثقة مضمونة سلفا بحكومة استعادة الثقة. فالحكومة الثلاثينية مجلس نيابي مصغّر. وهي جزء من تسوية شملت ملء الشغور الرئاسي بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا، وعودة الرئيس سعد الحريري الى السراي، وتنظيم تركيبة الحكومة، ولها أجزاء أخرى على الطريق. وسواء كانت التسوية صناعة لبنانية أو صناعة مشتركة داخلية – خارجية، فان التحدّي أمام الجميع هو في المواد الباقية من امتحان التسوية. شيء من السلة الشهيرة بالتقسيط. وشيء من معاودة الفرز بعدما أوحت التسوية اننا في بداية مرحلة من خلط الأوراق.

ومن السهل ترتيب المواصفات لقانون انتخاب جديد يراعي قواعد العيش الواحد والمناصفة ويؤمّن صحة التمثيل وفعاليته لشتى فئات الشعب اللبناني وأجياله في صيغة عصرية. لكن من الصعب، كما أكدت تجارب ثماني سنوات من النقاشات والاجتماعات الوزارية والنيابية، التوصل الى هذه الصيغة السحرية لقانون الانتخاب في مواجهة المصالح الفئوية المتصارعة خارج المصلحة الوطنية. وأقصى الأمنيات أن يتفق أهل الحلّ والربط على قانون مختلط أكثري – نسبي.

والمفارقة ان حكومة قصيرة العمر، لا أحد يعرف متى تتمكن بالتعاون مع المجلس من انجاز قانون انتخاب طال انتظاره وقانون موازنة عامة بعد ١١ سنة من دون موازنة، تعد بانجاز أربع استراتيجيات: استراتيجية وطنية عامة لمكافحة الفساد، استراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب على كامل الأراضي اللبنانية، خطة استراتيجية لشؤون المرأة وعودة الى الاستراتيجية الدفاعية الوطنية التي يتم التفاهم عليها بالحوار. واذا كان عمر الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية عشر سنين بلا اتفاق، فان عمر الحديث عن الفساد من دون فاسدين عقود. ومن المعجزات انجاز خطة استراتيجية لشؤون المرأة في حكومة ثلاثينية تضم امرأة واحدة.