Site icon IMLebanon

.. صفة المتكلّم!

 

«طمأن» رئيس سوريا السابق بشار الأسد مريديه وأحبابه بأن الضربات الإسرائيلية «الأخيرة» لم تصب أي إيراني! بل أدّت إلى خسائر بشرية في صفوف السوريين.. باعتبار أن لا قوات إيرانية في سوريا إنما «ضباط يعملون مع جيشنا».

 

تردّى إلى هذا الدرك! ولم يعد يميّز حتى بين أنواع الكذب الذي يستمرئه.. بحيث أنه لم ينتبه مثلاً إلى أن الإيرانيين أنفسهم تحدثوا عن خسائر مباشرة في قصف مطار «تي- فور»! وأن الأمر كان مناسبة لانطلاق أحاديث كثيرة وتحليلات وتوقّعات أكثر، عن معنى الاصطدام «المباشر» الأول المعلن من نوعه بين الإسرائيليين والإيرانيين.. وأن «الرد» الذي أُعلن عنه بإطلاق نحو عشرين صاروخاً باتجاه الداخل الإسرائيلي، وسقط الجزء الأكبر منها داخل الأراضي السورية، أعقبته أكبر عملية تدمير واستهداف لمواقع إيرانية من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي.. إلى حدّ أن وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان تحدث عن تدمير معظم البنى التحتية (العسكرية) للوجود الإيراني في سوريا! وأن الأداء المضاد من قبل طهران وجماعتها سمح «للأعداء الصهاينة» ولا يزال بالاستمرار في العمل الحر قصفاً وتدميراً من دون توقّع أي «ممانعة» فعلية! ومن دون توقّع حصول أي «إزعاج» من أي نوع شامل وواسع! بل إن ما حصل كان مفصلياً بالتمام والكمال بحيث أن الانكشاف الإيراني كان فضّاحاً وجليّاً ووصل في عمّان وغيرها (أي عبر الروس مثلاً) إلى حدّ الإذعان والتسليم بمقتضيات «الأمن الإسرائيلي»!

 

ثم يأتي بشار الأسد ليقول في حديثه المتلفز مع «روسيا اليوم» إن لا وجود إيرانياً في سوريا! وأن القتلى جميعهم سوريون! وإن ذلك يُفترض أن يكون الحقيقة وغيره كذب! وإن ما يحصل يومياً وليلياً (تقريباً) و«يسمعه» السوريون في الداخل واللبنانيون في المناطق الحدودية المحاذية هو شيء من الخيال العلمي! و«تدريبات» مألوفة!.. ولا شيء هناك يستأهل ويستدعي كل ذلك اللغو المضاد من قبل «أعداء» سوريا وخطط الممانعة في الإجمال، والذين في كل حال وأحوال لم يتركوا طريقاً إلا وسلكوه، وطريقة إلا واعتمدوها من أجل ردّ الزحف المقدس لتحرير الأرض «المحتلة»، من النقب إلى الإسكندرون دفعة واحدة!

 

هذا المخلوق قال للمراسل الروسي إن القتلى الذين سقطوا ويسقطون هم سوريون.. وانتهى النقاش بالنسبة إليه! أي أنه لم ينتبه أو بالأحرى لم يعد يريد أن ينتبه، أو بالأحرى أكثر: لم يعد يأبه لحقيقة أنه يعتبر قتل السوريين، أكان على أيدي بقايا قواته، أو على أيدي الإسرائيليين، أو على أيدي الإيرانيين، صار أمراً عادياً طبيعياً! ولا يستدعي أي انفعال يُذكر! مثلما لم تعد مهمة أبداً، هوية القاتل طالما أن هوية القتيل واضحة إلى هذا الحدّ! وطالما أن ذلك يسمح للعصبة المافيوية الفئوية الأسدية بالاستمرار في الادعاء بحكم سوريا حتى بعد أن صارت خراباً تاماً، وحتى بعد أن تبخّرت مقومات ادّعاء ذلك الحكم!

 

هذا المخلوق قال كلاماً كبيراً من نوع أن «الكلام صفة المتكلم».. وأي تكثيف اختصاري لصانع نكبة سوريا!