Site icon IMLebanon

رئيسٌ يحمي صدرَ المقاومة

 

 

هل كان من الضروري أنْ يتعرّضَ لبنان لعدوانٍ إسرائيلي… أنْ يتدمَّر، أنْ يتهجّر، أنْ يتساقط فيه الشهداء، حتى يتذكّر العقلُ السياسي على وقْـعِ جدارِ الصوت، أنَّ الدولة المتلاشية في لبنان لا تزال بلا رئيس…؟

 

هل أنّ العقلَ المخدّر يتذكّر أنَّ العدوان الإسرائيلي بات يهدّد خصائص لبنان الكيانية، وأنّ رئيس الجمهورية وحـدَهُ هو الذي يُقسم اليمين على: «احترام الدستور واستقلال لبنان وسلامة أراضيه»، وأنّ هذه الخصائص أصبحت بلا مسؤول يقسم اليمين للحفاظ عليها…؟

 

الرئيس الذي كان من شأنه أن يحمي ظهـرَ المقاومة، أصبح الشأنُ الوطني مِـنْ بعد، يحتاج إلى رئيس يحمي صـدرَ المقاومة وظهـرَ لبنان.

 

عندما زار وزير الخارجية الفرنسي لبنان في آخر أيلول المنصرم حاملاً مبادرةً أميركية – فرنسية، وبعد اجتماعه برئيس المجلس نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، إضطرَّ أنْ يلتقي «فخامة» البطريرك الماروني كبدَلٍ من الرئيس الضائع للمحافظة على التوازن الشرعي.

 

واللقاء الثلاثي الذي جمع رئيسَ المجلس والحكومة والزعيم وليد جنبلاط، تناول في بيان: «الأوضاعَ المصيرية في لبنان»، ولأنّ هذا البيان المصيري، كالخطبة البتراء في غياب الرئيس المفقود، إضطرَّ رئيس الحكومة من أجل إسناد البيان أنْ يلتقي «فخامة» البطريرك الماروني محافظةً على التوازن الشرعي.

 

هل أنّ التمثيل البطريركي الشرعي للموارنة، من شأنه أنْ يُحفِّزَ القياداتِ المارونية للتنازُلِ عن شيءٍ من التفرقة، مخافة التنازل عن دورها التمثيلي…؟

 

وهل أنّ اختصار الموقف الماروني بالبطريرك، مـنْ شأْنـهِ أنْ يحفِّـزَ القوى الأخرى للتنازل عن شيءٍ من الشروط، مخافة تكريس العُرْف…؟

 

مع إعتقادنا بأنَّ هذه الجَلَبةَ الرئاسية هي من باب الجعجَعةِ ولا طحين، وما دام القرار لا يزال خاضعاً للميدان، فلا جدوى من الدوران حول الحصان، وممنوعٌ أنْ يمتطيَ الحصانَ فارس.

 

إذا كان في استطاعتكم حقّاً أن تشربوا حليب السباع الرئاسي، فعليكم أنّ تفتِّشوا عن الرئيس الفارس، لا الرئيس المستفرس بقوّة واهية مستعارة… لقد جرَّبنا تلك القوة التي كانت أشبهَ بتمثالٍ من الشمع.

 

إذا خلَتِ الطائفة المارونيةُ مِـمَّن هم في لبنان وخارج لبنان، من رجـلٍ يتحلَّى بعنفوان سيادي وطاقةٍ شخصية رفيعةٍ ومترفِّعةٍ، تمكِّنهُ من أنْ يكون الحاكمَ الحكم، ومخاطبة المحافل العربية والدولية باسم شعب لبنان العظيم، فألفُ سلامٍ على هذه الطائفة.

 

إلى متى… سيظلّ الموارنة وغير الموارنة يتنكّرون للقَّوةِ التي فيهم، ويستعيرونها من الآخرين…؟

 

إلى متى… سيظلّ الموارنة وغير الموارنة خاضعين لهيمنة الإيديولوجية الحاكمة، والمجسّمات الميليشياوية التي كنّا نظـنّ أنها أُحيلتْ إلى المتاحف…؟

إلى متى… سنظلُّ شعوباً في شعبٍ، وأوطاناً في وطـنٍ، وكأنّ عبورَ حدودِ المذاهب والطوائف بات يحتاج إلى جواز سفر…؟

 

لعلّ من حسنات هذا النزوح اللبناني المتآلف، أنْ يحقِّـق اندماج العائلات اللبنانية في مناطق مشتركة ومذاهب مشتركة وبيوتٍ مشتركة، بما هو عيشٌ مشترك، لا تعايشٌ متكاذبٌ مشترك.

 

ولعلّ هذا الإندماج يبـدِّدُ ما شحنَتْـهُ النوازعُ السياسيةُ في العقول مِنْ سموم التفرقة ليكون فاتحةً للوحدة الوطنية الجامعة.

فهل بقيَ عندنا مِنْ فوارس يقتَنِصون هذه الفرصة النادرة من أجل لَمْـلَمةِ أجزاء الوطن وأشلائِـه، حتى لا يظل هذا الوطن ساحةً للخيول الشاردة…؟