IMLebanon

الخلاف على الحصّة المسيحيّة… جَمّد التقدّم المُحقّق على خطّ التأليف!

 

في 22 تشرين الأوّل الماضي، كلّف رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون رئيس «تيّار المُستقبل» النائب سعد الحريري تشكيل الحُكومة المُقبلة، وأوحت إتصالات الأيّام الأولى بعد التكليف، بأنّ «الولادة» الحُكوميّة ستكون سريعة جدًا. لكن مع الدُخول في الأسبوع الثالث من التكليف، عاد الحديث عن عقبات مُهمّة تُعرقل تشكيل الحكومة، بالتزامن مع عودة إرتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، في ظلّ صمت مُطبق مُتعمّد من قبل الجهات المَعنيّة بمسار التأليف. فما هي آخر المَعلومات المُتوفّرة على خط تشكيل الحُكومة، على الرغم من قلّة التسريبات وكثرة الإشاعات التي بلغت حد الحديث مُجدّدًا عن إحتمال إعتذار الحريري في حال بقاء العراقيل أمامه، في تكرار للسيناريو الذي واجهه بالأمس القريب رئيس الحكومة المُكلّف الدُكتور مُصطفى أديب؟

 

بحسب أوساط نيابيّة إنّ الصُورة ليست سوداويّة بالكامل، حيث جرى مثلاً حسم لتكوّن الحُكومة من 18 وزيرًا، وحسم مسألة إختيار أسماء جديدة كليًا للتوزير تقتصر على إختصاصيّين ناجحين في مجالات إختصاصهم أكان في لبنان أم في العالم. وأضافت أنّ التقدّم طال أيضًا إعتماد مبدأ المُداورة في الوزارات المُصنّفة خدماتية وتلك العادية، على أن يتمّ تقاسم الوزارات السياديّة بشكل مُتوازن سياسيًا وطائفيًا، بالتزامن مع حسم مسألة حُصول «الثنائي الشيعي» على وزارة المال، وعلى الحق بتسمية إسم الوزير الذي سيشغل هذه الوزارة الحسّاسة، والذي سيملك تاليًا حقّ التوقيع إلى جانب توقيعي رئيسي الجمهوريّة والحُكومة.

 

وكشفت الأوساط النيابيّة المُقرّبة من «التيّار الأزرق»، أنّ المُشكلة ليست في حصة «الثنائي الشيعي» ولا في حصّة «تيّار المُستقبل»، بل تتركّز في الحصّة الوزاريّة المسيحيّة. وأوضحت أنّ رئيس الجمهوريّة ومن خلفه «التيّار الوطني الحُرّ»، يُصرّ على أن تكون له الكلمة الفصل في إختيار أسماء الوزراء المسيحيّين كلّهم، وفي تحديد حصصهم، مع تسجيل رفض إقصاء رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان عن الحُكومة أيضًا. وتابعت أنّ هذا الأمر أوجد مُشكلة كبيرة مع رئيس الحُكومة المُكلف الذي رفض أيضًا تمسّك «التيّار» بوزارة الطاقة حتى لوّ بشكل غير مباشر، أي عبر منحها لجهة حليفة على غرار حزب «الطاشناق» مثلاً، مُطالبًا بأن يلحق مبدأ المُداورة بهذه الوزارة أيضًا. وتابعت الأوساط نفسها أنّ الحريري الذي أبدى إستعداده للتخلّي عن وزارة الداخليّة، في مُقابل الحُصول على وزارة سياديّة أخرى هي وزارة الخارجيّة، طالب بأن يتشارك في تسمية وزير الداخليّة المُقبل مع رئيس الجُمهوريّة، وتردّد أنّه لم يتمّ التوافق بين المسؤولين المّذكورين على إسم وسطي حتى الساعة. كما أثارت المُطالبة «البرتقالية» بالحصّة المسيحيّة مُشكلة أخرى مع «تيّار المردة» المَوعود بوزارة وازنة، وبحصّة من وزيرين في الحكومة المُقبلة، طالما أنّ حزبي «القوات» و»الكتائب» خارجها.

 

ولفتت الأوساط النيابيّة عينها إلى أنّ الحريري مُمتعض حاليًا ممّا يحدث، لكنّه لا يُريد الإختلاف مع أحد، ويسعى جهده لتذليل العقبات ولتشكيل حُكومة إختصاصيّين تعمل سريعًا على الشروع في مُعالجة المشاكل الكبيرة المُتراكمة على مُختلف الصُعد، والإستفادة من المُبادرة الفرنسيّة قبل فوات الأوان. وأضافت أنّ مُواجهته بمطالب سياسيّة من مُنطلقات فئويّة وحزبيّة ضيّقة، وفق مبدأ المُحاصصة الذي نبذه اللبنانيّون، يُهدّد بضياع كل التقدّم الذي حصل على خط التأليف، وربّما بإعادة الأمور إلى نقطة الصفر. وقالت إنّ اليد المَمدودة من قبل الحريري لا تُقابل بالمثل من قبل «التيّار الوطني الحُر»، بل بمُحاولات تصفية حسابات قديمة – جديدة، تارة عبر التركيز على تحميل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة و«السياسة الحريريّة» منذ ثلاثة عُقود حتى اليوم، مسؤوليّة الإنهيار الإقتصادي والمالي الذي حصل، عبر توصيف سلامة بأنّه يرفض التحقيق الجنائي للكشف عن الأموال المَهدورة، وطورًا عبر مُحاولة تمرير تعديلات دُستورية تهدف إلى النيل من صلاحيّات رئاسة الحُكومة، على غرار إقتراح تكتل «لبنان القوي» تعديل الفقرة الثالثة من المادة 53 والفقرة الثانية من المادة 64 من الدُستور، ليُصبح أمام رئيس الجمهوريّة شهر واحد لتحديد موعد للإستشارات النيابيّة المُلزمة وهو أمر مفروغ منه أصلاً، وليُصبح أمام رئيس الحكومة المُكلف شهر واحد لتشكيل الحكومة وإلا «إعتبر رئيس الحكومة المُكلف مُعتذرًا عن التشكيل» كما جاء في الإقتراح «البرتقالي». وقالت إنّ هذا البند بالتحديد يعني عمليًا وضع رئيس الحكومة تحت الضغط وتجريده من سُلـطاته، بحيث يُمكن لأي جهة سياسيّة رئيسة في البلاد، سحب التكليف عمليًا من رئيس الحكومة، عبر عرقلة مساعيه للتشكيل ضُمن المهلة المُحددة، وهذا أمر مرفوض وغير منطقي. وسألت الأوساط النيابيّة نفسها عن الفائدة من إعادة تعويم التقوقعات الطائفيّة والخلافات المذهبيّة، تحت حُجج رفض تهميش الطائفة المسيحيّة، في الوقت الذي يسعى الجميع إلى الوُصول إلى حكومة غير سياسيّة ولا طائفيّة، بل حُكومة إنقاذ لكلّ اللبنانيّين؟!

 

وختمت الأوساط النيابيّة كلامها بالقول إنّ الأمور يُمكن أن تُحلّ في حال وضعت مُختلف الأطراف المَعنيّة مصلحة لبنان أوّلاً، وقبل مصالحها الطائفيّة والحزبيّة الضيّقة، مُؤكّدة أنّ التأخير ليس في صالح أيّ طرف، حيث أننا في سباق مَحموم مع الإنهيار الشامل الذي تتسارع خُطواته نحونا! وأضافت أنّ الحريري سيُواصل جُهوده، ولن ييأس، حيث سيزور قصر بعبدا مُجدّدًا، في مُحاولة أخرى لتذليل العقبات، لأنّ الأمور ما زالت قابلة للحلحلة في حال صفت النيّات.