لم يحجب الإنشغال بالقمة العربية المنعقدة في عمان العمل الجاري على خط قانون الإنتخاب، لكن المتابعة الحثيثة لمصادر سياسية مسيحية، أظهرت بوضوح أن هناك أطرافاً داخلية تعمل على ضرب الدينامية المسيحية التي انطلقت في المجال السياسي منذ بداية العهد الحالي، وهي لذلك تعمل على إسقاط كل المشاريع والإقتراحات الإنتخابية التي يعدّها التحالف الثنائي المسيحي، وذلك بصرف النظر عن تداعيات هذا الأمر على الواقع العام. وكشفت المصادر، أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، قد بدأ بتعزيز مسار الدولة والمؤسّسات، وأعاد الإعتبار إلى موقع رئاسة الجمهورية، كما إلى موقع مجلس الوزراء، والدلائل الملموسة تظهر تباعاً في الإنجازات التي تحقّقت في الأشهر الأربعة الماضية، لكن ما يحصل في إطار الخلاف السياسي العميق حول قانون الإنتخاب، يستهدف نقطة محورية هي منع المسيحيين من استعادة تأثيرهم النيابي.
وقالت المصادر المسيحية، أن الإقتراح المختلط الذي كانت قد تقدّمت به «القوات اللبنانية»، كما الإقتراح الأخير الذي كان تقدّم به الوزير جبران باسيل، تؤدي إلى نتيجة حاسمة وهي التأثير على أكثر من 55 نائباً داخل البرلمان. واعتبرت أن هذا الأمر يزعج أكثر من طرف سياسي، ولذلك يستمر الإرباك نتيجة رفض المتضرّرين من استعادة الدور المسيحي، لأي معادلة نيابية تعكس الواقع المسيحي الفعلي. ونبّهت في هذا السياق، إلى أن المراوحة في مواصلة النقاش من دون نتيجة في قانون الإنتخاب، سيدفع إلى تجميد الحياة السياسية، مع العلم أن عدم تحقيق إنجاز على المستوى النيابي يكون موازياً لما تحقّق في مجال العمل الوزاري، سيواجَه برفض من رئيس الجمهورية، كما رئيس الحكومة سعد الحريري، انطلاقاً من حرصهما المعلن على استمرار العمل معاً، وعلى انتظام شؤون الدولة. وبالتالي، فإن الوصول إلى حال الفراغ لن ينعكس فقط على الدور المسيحي، أو حتى على «الثنائي المسيحي»، لأن مخاطر هذا الأمر ستطال كل الأطراف، كما أضافت المصادر، والتي اعتبرت أن أي فشل في إقرار قانون عصري وعادل يؤمّن التمثيل الصحيح لكل اللبنانيين، سيعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وتحديداً إلى العام 1992 عندما كان العنوان الأساسي هو «تحجيم الدور المسيحي».
وما يعزّز قناعة هذه المصادر بأن إسقاط الإقتراحات التي تدعو إلى صيَغ مختلطة، هو أن تحكيم الديمقراطية العددية بمقدّرات البلد سيسقط الشراكة، ومعها اتفاق الطائف، مما ينذر بإحباط كل الديناميات الجارية للعبور إلى الدولة وتعزيز الشراكة بين كل الأطراف السياسية، والحؤول دون سيطرة فريق معيّن على أفرقاء آخرين. وشدّدت على أن الدولة ستستعيد توازنها من خلال إقرار قانون انتخاب يعيد الفاعلية المسيحية قوية، وبالتالي، يحصّن واقع الشراكة الإسلامية ـ المسيحية في المعادلة السياسية. وسألت المصادر عن ردود فعل القوى التي تطالب بقانون انتخابي عادل، والتي تصنّف نفسها خارج «الثنائية المسيحية»، مؤكدة أن المساومة على موضوع قانون الإنتخاب مرفوضة بالكامل، خاصة وأن النظام اللبناني هو نظام طائفي بامتياز، وهو واقع يقتضي بأن يكون قانون الإنتخاب معبّراً عن الواقع السياسي اللبناني، وهو واقع طائفي منذ العام 1990، ولكن تمثّل فيه السنّة والشيعية والدروز بشكل عادل، فيما تم إقصاء المسيحيين.
وخلصت المصادر السياسية المسيحية نفسها، إلى أن استعادة الحضور المسيحي بدأت منذ انتخابات رئيس الجمهورية، وما زال «الثنائي المسيحي» متمسّكاً بطروحاته حول قانون الإنتخاب، فـ«القوات اللبنانية» ترفض بشكل مطلق النسبية الكاملة، كما أن «التيار الوطني الحر» متمسّك بالمشروع الأخير للوزير جبران باسيل، والذي أيّدته «القوات» أيضاً والحزب التقدمي الإشتراكي وتيار «المستقبل». وبالتالي، فإن عملية «شدّ الحبال» مستمرة إلى حين الدخول في ربع الساعة الأخير قبل الفراغ.