Site icon IMLebanon

انتخاب المسيحي لنوابه يكرسه شريكاً

بين التروّي والرفض السريع والإنكفاء عن التعليق على المشروع الإنتخابي الأخير ل «التيار الوطني الحر»، تتكشّف فصول روزنامة مواجهة خفية تهدف إلى إبقاء الملف الإنتخابي في دائرة المراوحة الخطرة، وجسّ النبض لمدى قدرة القوى المسيحية الناشطة لإقرار قانون انتخاب جديد على تغيير المعادلة القائمة عبر قانون «الستين». وفيما يبدو المشهد الإنتخابي معلّقاً على تطورات الأيام المقبلة، فإن أوساطاً سياسية مسيحية مواكبة للحراك القانوني الإنتخابي، كشفت أن الآمال لا تزال قوية بإمكان التوصّل إلى خرق إيجابي رغم كل الإحباط الذي تظهر في ردود الفعل الأولية على صيغة «الوطني الحر»، لأن المرحلة الراهنة لم تعد تسمح بالعودة الى الوراء والى مرحلة التسعينات، عندما كانت القوانين الإنتخابية تفصّل على قياس المعادلات السياسية التي كانت قائمة في فترة الوصاية السورية، والتي كانت تمنع القوى المسيحية من أن يكون لديها أي واقع تمثيلي، وبالتالي إقصاء المسيحيين عن النظام وتحويلهم الى أقلية والى فئة مغلوب على أمرها. وكشفت هذه الأوساط، أن تطبيق اتفاق الطائف بشكل انتقائي قد سمح بتعزيز جهود إلغاء المسيحيين، وذلك بعد دفع كل الأطراف الداخلية الى الإرتباط بالمحاور الإقليمية وتصويرهم كعاجزين عن نسج اتفاقات بين بعضهم البعض، وإظهار لبنان كبلد غير قابل للحياة.

وانطلاقاً من هذه المعطيات التي طبعت المحطات الإنتخابية في الماضي، يأتي التركيز اليوم، ومن خلال العمل الدؤوب على إقرار قانون انتخاب يعيد تصحيح التمثيل لكل اللبنانيين ويشكّل القاعدة لإنتاج النظام السياسي الذي يقوم على الشراكة والتوازن بين كل اللبنانيين، كما تابعت الأوساط السياسية المسيحية، التي رفضت أن يشعر أي طرف لبناني بالتهميش، مع العلم أن أبرز مسبّبات الحرب بين اللبنانيين، كان شعور المسلمين بغياب المساواة داخل النظام السياسي.

وشدّدت على أن قانون الإنتخاب هو الذي سيصحّح واقع إقصاء المسيحيين، ومن دونه سيفقد المسيحي شراكته داخل النظام ويتحوّل إلى تابع للقوى الأخرى.

وبمعزل عن كل العناوين البارزة المطروحة اليوم، لاحظت الأوساط أن الإستحقاق الانتخابي وفق قانون عادل، هو الوحيد الذي يمثل قاعدة صلبة وثابتة غير قابلة للتحوّل في حال تبدّل الأشخاص أو غيابهم. ومن هنا يأتي الحرص لدى القيادات المسيحية السياسية والحزبية على إقرار قانون يعطي الناخب المسيحي القدرة على التأثير في انتخاب نوابه، كون هذا التأثير يخوّله أن يكون شريكاً فعلياً داخل النظام، وبالتالي تتأكد طبيعة النظام اللبناني القائم على العيش المشترك. وعلى هذا الأساس تأتي الأهمية القصوى للمساعي الجارية اليوم للوصول إلى إقرار صيغة تؤمن أوسع تمثيل للمسيحيين رغم كل العراقيل.

 وفي سياق متصل، فإن أهمية قانون الإنتخاب العتيد، كما كشفت الأوساط المسيحية نفسها، تكمن في أنه يجعل القرار الرئاسي بيد القوى المسيحية، لأنه عندما ينجح «الثنائي المسيحي» في حصد أكثر من 44 صوتاً داخل البرلمان، فهو سيصبح قادراً على تعطيل أي إمكانية لفرض رئيس جمهورية لا يمثّل الأكثرية المسيحية، أي أن هذا الثنائي سيمتلك ورقة ضغط قوية من أجل انتخاب الرئيس القوي في المستقبل.

لذلك، يبدو من غير المقبول، كما تقول الأوساط، أن تتحقّق معادلة «الرئيس القوي» في الرئاستين الثانية والثالثة، ولا يتكرّس هذا الأمر في الرئاسة الأولى، مؤكدة أن هذا الواقع قد تحقّق وجرى تصحيحه بعد انتخاب العماد عون، ولكن يجب أن يبقى هذا الواقع بعد الرئيس عون أيضاً. وأضافت أن الهدف الأول من المواجهة الحاصلة اليوم تحت عنوان الخلاف حول الصيغة الإنتخابية الأفضل، هو منع المسيحيين من الإمساك بقرارهم، ومن امتلاك القدرة على تعطيل انتخاب رئيس لا يمثّلهم.

وعلى أساس هذه المعطيات، فإن إقرار قانون انتخاب جديد يحقّق المناصفة الفعلية وليس الإسمية، قد تحوّل إلى محطة مفصلية، لأن القانون العادل هو الذي يؤمّن صحة التمثيل لكل الطوائف، ويحقّق المساواة بين الجميع. وقد خلصت الأوساط إلى اعتبار الإنتخابات النيابية الخطوة الثالثة بعد الإنتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة في تنفيذ ورشة العمل التي ستنطلق بعد الإنتخابات لتطبيق اتفاق الطائف وبناء الدولة والوطن والإنسان.