Site icon IMLebanon

الكنيسة لا تنام على حرير الوعود وموقف بري يحسم الأمور الميثاقية

لم تنته أزمات المسيحيين مع القطاع العام ومؤسسات الدولة اللبنانية وهيئاتها بمجرد أن قامت دوائر الكنيسة بإلغاء لقاء الاحزاب والتيارات والجمعيات المسيحية في بكركي قبل أسبوعين، نزولاً عند طلب أحد رؤساء الجمهورية السابقين، والذي أمضى وقتاً في العمل على إقناع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بأن الوضع المسيحي عموماً والماروني خصوصاً في أفضل حال، وأنه لم يفرط بالتوازن الدقيق والمناصفة والمشاركة خلال عهده.

يقول أحد مطارنة الكنيسة المارونية الفاعلين والناشطين في مواجهة “التهميش المسيحي”، إن البطريرك الراعي لم ينم على حرير ما قاله الرئيس السابق، ذلك أن سيد بكركي الحالي وقبله البطريرك صفير سمعا الكثير من هذا الكلام التبريري والتخفيفي، لكن النتيجة كانت دائماً استمرار تهميش المسيحيين في مؤسسات القطاع والضرب عرض الحائط بكل عناوين العيش معاً وفي شكل متواصل. وهكذا بادر البطريرك الى الطلب من دوائر الصرح والمؤسسات التابعة للكنيسة وفي مقدمها “لابورا” الى وقف التحركات والاجتماعات، معولاً على موقف الرئيس نبيه بري الذي وعد بمعالجة الموقف والنظر في الاعتراضات المسيحية المتراكمة على ما يجري في الادارة العامة، بدءاً من أكبر الوزارات وصولاً الى آخر بلدية “ميثاقية” في لبنان حيث يتنامى ويشعر المسيحيون بأن “الهر يأكل عشاءهم” من دون أن يستطيعوا شيئاً أمام هذه التصرفات “اللاميثاقية” من مواطنيهم الذين لا يقصر بعضهم في اقتناص حصة المسيحيين والسيطرة عليها.

والواقع أن الكنيسة ومؤسساتها لا يخفى عليها شيء، وتملك تفاصيل دقيقة عما يجري في القطاع العام، بدءاً من مجلس الخدمة المدنية الى وظائف الفئة الاولى، وكذلك تفاصيل جيوش المتعاقدين في الوزارات والذين يدخلونها ولو برواتب زهيدة وإمكانات قليلة، إلا أنهم يمنّون النفس بالتثبيت ذات يوم، على أن تكون لهم الأفضلية على الآخرين كما جرى في كهرباء لبنان والدفاع المدني وغيرها من المؤسسات العامة حيث يتوالى حشد المتعاقدين من دون أي اعتبار لعناوين اساسية تحكم عمل القطاع العام وسلم التراتبية فيه، والذي يبدأ من مجلس الخدمة المدنية والتدرج بين الفئات الرابعة والثالثة والثانية وصولاً الى الفئة الاولى، التي نص اتفاق الطائف على احترام المناصفة فيها، من دون الأخذ في الاعتبار أن موظفي هذه الفئة المميزين لا يسقطون على كراسيهم وفئاتهم من السماء، بل يحتاجون الى المرور او التدرج في الفئات السابقة حيث لا تحترم معايير المناصفة في جزء كبير منها، وتترك الامور على همة الوزراء الذين يعمل كل منهم لمصلحة مذهبه وطائفته وجماعته قبل كل شيء، ومن دون الاكتراث للاخرين. والأدهى من كل ذلك، والرأي للناشطين، أن إصرار بعض الاطراف على ممارسة التمييز في تعيينات الموظفين واستغياب الدور المسيحي، إنما يؤدي الى مزيد من الاستنكاف المسيحي عن الانخراط في مشروع الدولة، ويعمق الهوة بين أجيال المتخرجين الجامعيين والمهنيين والتقنيين المسيحيين ومشروع الدولة برمته، ويشكل هذا الامر خطراً كبيراً على الحضور المسيحي وطبيعة تشكل الادارة العامة في لبنان كمؤسسة وطنية حاضنة لجميع اللبنانيين وتعطي الشرعية لكل مكوناتها التعددية والوطنية.

تراقب المؤسسات المسيحية الكنسية والعلمانية مسار الامور، فهل يحمل الرئيس نبيه بري الحل وتكون له الكلمة الفصل في وضع حد لتجاوز الميثاقية والمساواة بين مواطنيه في وظائف القطاع العام، التي قفز اتفاق الطائف الى الغاء المناصفة في فئات عدة منها دون الفئة الاولى، من غير ان يقدم بديلاً وازناً او نموذجاً لمعالجة شكوى المسيحيين؟