تعيش إيران حال استجداء لأي كلمة «تلتقطها» من صحف أميركا وتصريحات مسؤوليها عن دور إيران الفاعل في المنطقة، لتؤكد عبره أنها قوة إقليميّة عظمى، الغزل الذي تحاول صحيفة كيهان الإيرانية، وهي تتبع مباشرة للمرشد علي الخامنئي، وتصيّدها لكلام «استيو وارن» المتحدث باسم البنتاغون وقوله، على ذمّة كيهان: «إن أميركا لم تقدم شيئا لعمليات تكريت كما ولم يكن لها الغطاء الجوي ضد داعش (…) فيما يشهد الحضور الفاعل لإيران في هذه العمليات، ولها الدور المتقدم والواضح في تحرير تكريت» ـ وهذا كلام في محلّه وشديد الدقّة ـ ولكنّ إيران تستخدمه بمنتهى الخبث، كعادتها!!
وتصيّدت إيران أيضاً كلام الجنرال «مارتن دمبسي» رئيس أركان الجيوش الأميركية في المنطقة، وقال «دمبسي» إن الدور الإيراني في دعم القوات العراقية سيكون ايجابيا إذا أعادت القوات العراقية مدينة تكريت بعد تحريرها من جماعة «داعش» الإرهابية إلى أبنائها دون حصول توترات طائفية (…) فثلث القوات المشاركة في عملية تكريت هي من الفرقة الخامسة في الجيش العراقي والثلثان الباقيان من قوات الحشد الشعبي [الميليشيات الشيعيّة] التي اتهمها بالأمس مقتدى الصدر بتشويه صورة الشيعة عبر تصرفاتها!!
كلّ ما يحيط بالمنطقة وواقعها ومصيرها غامض!! الموقف العربي هو الصمت العاجز الغامض!! غضّ النظر الدولي والسكوت العالمي غامض!! وحدها إيران تملك مشروعاً واضحاً، بصرف النظر عن تكلفة تنفيذه ومن يتحمّلها، ففيما كان الشيخ محمد يزبك رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله»، يُبشّر بإراقة المزيد من دماء الشيعة اللبنانيين، بدعوى «أن الدم هو الذي يغسل الشبهات (…) وجاهزون أن نكون حيثما يقتضي الواجب (…) إنّنا على يقين بأننا منتصرون. وقد أكرمنا الله بأعظم ثورة في الجمهورية الإسلامية المظفرة المباركة»…
على المقلب الآخر في طهران كان «مهدي طائب» أستاذ حوزة قمّ ورئيس مجلس إدارة «مقر عمار الاستراتيجي للحروب الناعمة» التابع لمكتب الخامنئي، يبشّر الشعب الإيراني بـ»الجوع» بدعوى أنّ «إيران هي بلد الإمام المهدي، ويقع ثقل ظهور الإمام المهدي على عاتق الشعب الإيراني، وتحضير العالم لظهور الإمام هو واجب ومهمة إيران، فلهذا يجب على الشعب الإيراني أن يقلل من طعام سفرته من أجل نصرة ودعم المقاتلين في سوريا والعراق ولبنان واليمن»!! إذن بات واضحاً أنّ الدم من عندنا وتقليل الطعام للإيرانيين، وكلّ هذه الحروب ترفع عنوان محاربة «الإرهاب التكفيري» فيما هي «حروب ظهور المهدي»!!
سبق وحذّرنا كثيراً من «العقيدة المهدوية» المدّعاة التي تُخبّئ إيران خلفها مشروع، وحتى اليوم لم نقع على كلام واضح و»صادق» وبلا «تقيّة» فضح مشروع إيران، سوى ما قاله «الشيخ علي الكوراني» صاحب أشهر كتب المرحلة «عصر الظهور»، فالكوراني سبق وأعلن في مداخلة تلفزيونيّة: «إن الحوزة الشيعية في «قم» و»النجف»، تسعى للسيطرة على كل منطقة «الحجاز»، والشام، واليمن، والعراق، وأنّ هدف المرجعية هو «رئاسة العالم الإسلامي كله»، وأن تمدّد الشيعة ليس له حدود»!!
ومجدداً ننقل للقارئ كلام الكوراني لكي لا ينخدع أحد بالحرب الإيرانية على «داعش» وهي صنيعتها وبشّار الأسد، فالمشروع الإيراني أبعد وأخطر من هذا بكثير!! وكلام الكوراني جاء في تعقيب له على حوار بقناة «المستقلة»، ردًا على أحد مناظريه من أهل السُنّة، وممّا قاله في نصّ مداخلته: «نحن نسعى إلى التمدد على كل الآفاق، بعدما زال صدام، أصبح لدينا العراق، وهناك مواقع عديدة، نسعى للوصول إليها، نحن أمة لا تعرف الكلل والملل.. وأنا أقول لك بصراحة: عندنا في الخليج آل ثاني، في اليمن الحوثيين، والزيديين إخواننا، وسوف يكونون الطوق الذي نسعى به إلى امتدادنا على كل المنطقة». نحن نسعى إلى السيطرة على هذه المناطق، لا تهمنا أندونيسيا، ولا تهمنا أفريقيا، لدينا طموح نسعى»ليل نهار» للسيطرة على كل الإسلام (…) نحن أمة عظيمة، أمة جاهدنا من ألف وأربعمائة سنة، كنا ألفي شخص والآن أصبحنا ثلاثمائة مليون.. وأقسم الكوراني فقال: «والله، نسعى إلى السيطرة على الحجاز، وعلى نجد، وعلى الكويت، وعلى البحرين، والحوثيين موجودين إخواننا الزيديين «زيد بن علي بن الحسين بن علي»، وليس «زيد بن عمر بن الخطاب (…).
نحن أمة لا تقطعنا حدود، نحن لدينا عقيدة واضحة، هي رئاسة الأمة الإسلامية بأكملها، رئاسة الأمة بقيادة المرجعية في النجف وقم، والذي يعجبه يعجبه، والذي لا يعجبه عليه أن يضيّق البحر»!! وكم من بحر ومضيق وباب بات على العرب أن يضيّقوه حتى يحاصروا المشروع الإيراني، إلى أن يتمّ القضاء عليه في أرضه.