أيّهما أقسى وأصعب في هذه الظروف: التغاضي عن تلويثِ نهر، أم تشريدُ 800 عائلة؟ في الحالتين، هناك كارثة تحتاج معالجة، خصوصاً عندما تكون هناك علاماتُ استفهامٍ في شأن الأسباب والأهداف والنتائج، وتطبيق القانون سواسية على الجميع…
أُقفل أمس معمل «ميموزا» بالشمع الأحمر بقرار من النائب العام المالي القاضي علي ابرهيم بناءً علی إخبار من المصلحة الوطنية لنهر الليطاني. قرار الإقفال بالشمع الأحمر سبقه قرار أمس من وزير الصناعة حسين الحاج حسن أقفل بموجبه بصورة موقتة شركة الأوراق الصحية «ميموزا» – صليبا وتنوري وشركاؤهما، وطلب الى محافظ البقاع كمال أبو جودة تنفيذ مضمون القرار.
في هذا السياق، أكّد الحاج حسن لـ«الجمهورية» دعمَه المطلق للقطاع الصناعي، «لكننا في الوقت عينه شديدو الحرص على سلامة البيئة، ولطالما حذّرنا المصانع وطالبناها بضرورة تجنّب ارتكاب أيّ مخالفات بيئية.
أضاف: كل المصانع اليوم هي تحت المراقبة، لذا وبعدما حصلت مخالفة بيئية فاضحة في نهر البردوني على مرأى من الجميع، خصوصاً وأنّ النهر يصبّ في نهر الليطاني، كان لا بدّ من اتّخاذ قرار حازم وقد اتّخذنا قراراً ردعيّاً.
وعن اتّخاذ هذا الإجراء الردعي بحقّ معمل «ميموزا» علماً أنّ المخالفين كثر، قال: لقد أقفلت حتى اليوم 78 مصنعاً ملوّثاً او غير ملتزم بالمعايير البيئية.
ورداً على سؤال، أكد الحاج حسن أنّ كل قرار قضائي قابل للمراجعة، لكن من المؤكد أنّ ما قبل هذا القرار، أي إقفال المعمل بالشمع الأحمر، ليس كما بعده.
تابع: نحن لسنا هنا لإخافة أحد إنما من واجبي كوزير للصناعة حماية القطاع الصناعي، لكن في حال المخالفة سأتّخذ الإجراءات الردعية اللازمة.
وأكد الحاج حسن أنه بعد الحملة التحذيرية للمصانع وضرورة الالتزام بالمعايير البيئية المطلوبة، لمسنا تجاوب عدد كبير من المصانع ولا شك ستظهر آثارُه تباعاً.
الجميل
بدوره، أكد رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي الجميل لـ«الجمهورية» أنّ غالبية الصناعيين ملتزمون بالشروط البيئية وملتزمون ايضاً بجدول زمني أصدرته وزارة البيئة من أجل التوصل الى صفر تلوّث صناعي في معاملهم، علماً أنّ التلوّث البيئي الناتج عن المصانع لا يتخطى الـ 15 في المئة.
ودعا الجميل كل الصناعيين لأن يكونوا تحت القانون والالتزام بالمعايير البيئية التي وضعتها وزارة البيئة، رافضاً الهجوم على المصانع خصوصاً تلك الملتزمة بالجدول الزمني للتخفيف من التلوّث الصناعي تدريجاً.
وقال: لا يجوز التركيز فقط على الصناعة كملوِّث أساسي للبيئة، بل ندعو بقية القطاعات للالتزام أيضاً بالمعايير البيئية على غرار الصناعيين.
تابع: نحن نرفض الهجوم غير المبرّر على الصناعيين الملتزمين، مشدّداً على أنّ الجمعية لا تدافع مطلقاً بموقفها هذا عن المصانع غير الملتزمة بيئياً والتي تعمل بخلاف المعايير المعتمدة بيئياً لذا يجب التمييز.
تنوري
من جهته، استغرب المدير العام لمعمل «ميموزا» لتصنيع الورق والكرتون والألومنيوم وأوراق التغليف وسام التنوري السرعة التي صدر فيها قرار إقفال المعمل بالشمع الأحمر من النائب العام المالي القاضي علي ابرهيم، علماً أنّ معمل «ميموزا» هو عبارة عن 6 مصانع فلا يمكن إذا أخطأ أحدها أن يتمّ إقفالها كلها.
وأكد لـ«الجمهورية» التزام «ميموزا» بالشروط البيئية، علماً أننا نلاحظ منذ فترة أنّ هناك حملة منظّمة لتصوير الشركة على أنها ملوّثة وغير ملتزمة بيئياً، لكننا من أكثر الشركات الملتزمة بالمعايير البيئية وقد قمنا بالتدقيق البيئي منذ 2004، ووزارة البيئة ووزارة الصناعة تقوم بجولات كشف دائم على المعمل.
وأكد: «ليست لدينا أيّ مشكلة في الفلاتر بل بالعكس هي تعمل على مدار الساعة، وليس منطقياً أن نُقدِمَ نحن على رمي ملوّث ولدينا كل هذه الفلاتر».
أضاف: «نحن نملك فلاتر ومحطة تكرير على ثلاث مراحل وآخرها فلتر رمل وبرنامج الفلترة يعمل بالتنسيق وإشراف كل الوزارات، وليس هناك داعٍ كي نرميَ أيّ شيء خارج الفلاتر».
وذكر تنوري أنه «عندما تلوّث النهر باللون الزهري منذ قرابة الشهر اتّجهت الاتّهامات نحو «ميموزا» ليتبيّن لاحقاً أننا لسنا نحن، لذا نحن نشعر دائماً أننا مستهدَفون ولا نستبعد أن يكون ما حصل عملاً تخريبياً مقصوداً».
وقال: إذا أظهرت التحقيقات أنّ سبب التلوّث هو مجرد خطأ يمكن أن يحصل في أيّ مصنع فلا مبرّرَ لإقفاله بالشمع الأحمر، بل نتّخذ إجراءاتٍ داخلية في حقّ مَن أخطأ، خصوصاً وأن لدينا الكثير من الفلاتر في المعمل التي تعمل بإشراف من وزارة البيئة.
أما إذا كان السببُ مفتعلاً وهذا ما أرجّحه، فإننا نعتبر أنّ اقفال المعمل بالشمع الأحمر هو ظلم، خصوصاً وأنّ المعمل يشغّل نحو 800 عائلة لبنانية تعتاش منه بشكل مباشر و 5 أضعاف هذا الرقم يعتاشون من المعمل بشكل غير مباشر.