إعتبرت «مجموعة الأزمات الدولية» أنّ أعمال الشغب الأخيرة في طرابلس هي مؤشّر جديد على بوادر إنهيار الدولة. ونقلَت قناة «الحرّة» عن المجموعة أنّ نحو 500 ألف موظّف وعامِل فقدوا وظائفهم حتى أواخر العام الماضي وأنّ العملة الوطنيّة فقدَت 80 بالمئة من قيمتها، وأنّ أكثر من نصف الشعب اللبناني تحت خطّ الفقر، بينما 75 بالمئة من اللبنانيين في حاجة إلى مساعدة، وأنّ مؤسسات الدولة تتآكل إلخ…
هذا باختصار شديد ما صدر عن المجموعة، وهو أحد أخطر التحذيرات التي وُجِّهَت في هذه الحقبة إلى بلد يُنذر كلّ شيء فيه بأنّ لا حدود لمرحلة إنحداره. والمُلاحَظ أنّ ما أصدرته المجموعة يتزامن مع سلسلة تحذيرات مماثلة، في شكل أو آخر، صادِرة عن منظّمات دولية وأممية عديدة وأيضاً مؤسسات التصنيف التي تترصّدنا يومياً وأسبوعياً وشهرياً وتدفع بتصنيفنا هبوطاً حتى باتت السلبية علامتنا الفارقة.
يتوافق هذا مع جرس الإنذار الأمني. وليؤذَن لنا أن ندّعي أنّ من لا يستمع إلى رنينه، بل إلى أنينه، المتواصل، فهو ساذج أو متواطئ. ولا يكفي الإستماع بل يُفتَرض التحرّك بسرعة وفاعليّة ومسؤوليّة من أجل تدارك ما لا يزال ممكناً تداركه قبل أن يفلت الحبل على الغارِب، ولاتَ ساعةَ مندَمِ. ونقول إنّ الوقت لم يفت بعد، ولا يزال في الإمكان تدارك هذا الإنفلات الأمني الذي يبدو في ظاهره عمليّات فرديّة إلا أنه يشي بالكثير والخطِر.
وليس من باب الهواية أن يُطلِق أحدهم النار على ATM أحد المصارف في بعلبك إعتراضاً على عدم تلبيته بسحب بعض الأموال. وهذا، على بساطته الظاهرة، يكشف كم أنّ أحداً لم يعد يعمل حساباً لهذه الدولة المهيوبة. أصلاً أين هي الدولة؟ هل في الإعتداء على الجيش مراراً في بعض المناطق وسقوط شهداء وجرحى؟ أو هل في الإعتداء بالضرب، في وضح النهار، على رمز الدولة عنصر قوى الأمن حتى إسالة دمه؟ أو هل هي في البترون حيثُ يتولى فريق حزبي السيطرة على مقرّ الفريق المُنافس في الحزب ذاته، وبقوّة السلاح؟ أو في إستدراج الناس إلى حيثُ يُعتدى عليهم حتى إزهاق الروح وأيضاً سلبهم ما يملكون من أموال منقولة بما فيها السيارات؟!.
… أو خصوصاً في خليّة الـ17 التي نوجّه إلى جيشنا التحية كونه ألقى القبض على أعضائها الدواعش بعد خليّة الـ40 التي ارتكبت جريمة مقتل الأبرياء الثلاثة في كفتون – الكورة؟