حزب الله بتعطيله الحكومات يُقدِّم مصالحه الإقليمية على مصالح اللبنانيين
لم يعد ما يطرحه الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله من اسباب ويتلطى به من ذرائع، لتبرير تعطيل جلسات مجلس الوزراء، مقنعا او مقبولا، من اللبنانيين، بعدما كشفت الوقائع والممارسات، بأن الهدف الأساس، هو مصادرة قرار الدولة ومقدراتها، وتسخيرها، لمصالح مشروع النظام الإيراني، ولو على حساب تهديم مرتكزات لبنان وتدمير اقتصاده، وافقار اللبنانيين، وتغيير نمط حياتهم نحو الأسوأ.
فتعطيل الحزب لجلسات الحكومة الحالية، بحجة ازاحة المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، ليس سلوكا منفردا، او تصرفا مستجدا، وانما يندرج في اطار استراتيجية اعتمدها الحزب منذ انتهاء صلاحية سلاحه بمقاومة إسرائيل بعد انسحابها من لبنان في ايار من العام الفين، وتوجيه هذا السلاح للاستئثار بالسلطة والهيمنة على الحياة السياسية لصالح مشروع السيطرة الإيراني على المنطقة العربية.
ومنذ ذلك التاريخ، يلاحظ ان استراتيجية الحزب بالتعطيل اصبحت سلوكية نافرة يعتمدها، اكان في الاستحقاقات الدستورية، كما فعل بمنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعد أنتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان نهاية العام ٢٠١٤، وابقى لبنان بلا رئيس للجمهورية لأكثر من عامين متتالين، وفرض بعدها انتخاب رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون بالقوة، او بتعطيل تشكيل اي حكومة لا تتطابق تركيبتها مع نهجه ومصالح مشروعه، كما فعل في أكثر من محاولة لتشكيل حكومة اي جديدة، بالتماهي وتوزيع الادوار مع حليفه، رئيس الجمهورية وتياره السياسي، على مر السنوات الماضية، او خلال مشاركته بالحكومة، او لفرض توجهاته من خارجها بقوة السلاح، خدمة لمصالحه الاقليمية.
هذه المرة، فرض حزب الله تعطيل جلسات الحكومة، بحكومة، ليس مشاركا فيها فحسب، بل كانت له اليد الطولى بتشكيلها، هو وشريكه بالتعطيل، رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي، في الوقت الذي يمر فيه لبنان بأصعب ازمة مالية واقتصادية يواجهها، ما يتطلب معها، تكثيف الجهود المبذولة وتسريع الاجراءات والتدابير، للمباشرة بعملية الانقاذ، ومنع تدهور الاوضاع المعيشية والخدماتية نحو الأسوأ.
التعطيل ظاهرة سلوكية عند الحزب والمحطات التاريخية الشاهد المباشر
هناك استنتاج واحد يمكن استخلاصه، من هكذا ممارسة يقوم بها حزب الله، بتعطيل جلسات الحكومة، في أحرج الاوقات، التي يمر بها لبنان، أكان مشاركا بالحكومة، او من خارجها، وهو ان مصلحة الشعب اللبناني الذي اصبح في وضع بالغ الصعوبة، لا تهمه اطلاقا، برغم كل الشعارات الوهمية المغايرة التي يتلطى وراءها، بل ان ما يهمه مصالحه الخاصة والاستمرار بفرض هيمنة المشروع الايراني، والا لكان تصرف بمسؤولية كاملة وحرص اكبر على استمرار جلسات الحكومة، وتوفير كل مستلزمات قيامها بمهمتها لانقاذ لبنان، بدلا من تعطيل عملها، وتكبيل حركتها، ومنعها من وقف مسار الانحدار نحو الأسوأ.
والسؤال المطروح، هل يفيد تعطيل مهمة الحكومة في الانقاذ، والاستئثار بمقدرات البلد، والامعان بزيادة الانهيارالمتواصل وتدمير مقومات لبنان، بالمواجهة مع إسرائيل، ام يحقق هدفها التاريخي بتدمير لبنان وصيغته الفريدة بالمنطقة ؟ فمن يتجرأ بالاجابة على هذا السؤال؟