Site icon IMLebanon

من يخاف من إنهيار لبنان؟

 

كان الرئيس الأميركي تيدي روزفلت يقول: “تكلم بصوت ناعم واحمل عصا غليظة”. وهذا ما تمارسه قوى التعطيل، بحيث تكرر خطاب الحرص على تأليف حكومة، وتصد كل الدعوات الداخلية والخارجية الى الإسراع في التأليف. وعكس هذا ما يمارسه الأشقاء العرب والأصدقاء الدوليون. وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان يشكو من عجز “الطبقة السياسية” عن مواجهة التحدي في “تمتع حزب الله بالسيطرة على كل ما يجري في البلد”، ثم يعلن نفض اليد من “وضع لم يعد قابلاً للتطبيع”. وزير الخارجية المصري سامح شكري يتحدث بلطف من دون أن يحمل حتى عصا رقيقة. وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان وصل الى الإقتناع بأن في لبنان “قوى عمياء تتعنت عن قصد ولا تسعى للخروج من الأزمة”. وهو يوحي بأنه بات يحمل عصا غليظة قائلاً: “الأيام المقبلة ستكون مصيرية”. لكنه يعرف أنه ليس في لبنان شيء اسمه أيام مصيرية، بل أيام مصرية وفرنسية.

 

والسؤال البسيط هو: كيف نصدّق أن شخصاً واحداً في لبنان يقف في وجه الضغوط الفرنسية والفاتيكانية والأوروبية والأميركية والمصرية ويتمرد على القوى التي تستعجل تأليف حكومة؟ والجواب الأبسط هناك قوة تحمل عصا غليظة جداً تحميه وتقف خلفه لتغطية موقفها الحقيقي. وهذا ما يذكرنا بما رواه أبا إيبان في مذكراته “شاهد شخصي” حين ذهب الى واشنطن للتأكد من الدعم الأميركي لإسرائيل في الاستعداد لحرب1967. إذ قال له الرئيس جونسون: “لا أستطيع المساعدة، لكني لست جباناً، وأنا من دون تأييد الكونغرس مجرد تكساسي طوله ستة اقدام”. والطول هنا أقل.

 

ذلك أن ما يطلبه اللبنانيون والعالم هو “حكومة مهمة” إنقاذية. وما تريده التركيبة الحاكمة والمتحكمة هو حكومة “مهمات” متعددة، او لا حكومة. مهمات تبدأ بالحسابات الشخصية داخل الحسابات الإستراتيجية للطرف القوي، والحرص على الإمتيازات، ولا تنتهي بلعبة التفاوض والمواجهة بين أميركا وإيران، والصراع الجيوسياسي في الشرق الأوسط وعليه. وهذا يعني رهان طرف على انهيار لبنان، ولامبالاة طرف آخر حيال ذلك، وسط التساؤل إن كان إنهيار لبنان مخيفاً بالفعل للقوى الخارجية؟ ألم تستوعب لعبة الأمم تمزيق بلد ووقوعه في أخطر أزمة إقتصادية واجتماعية وإنسانية هو سوريا ذات الدور المميز والموقع الجيوسياسي المهم؟ وهل يكون حظ لبنان الممسوك من محور “الممانعة والمقاومة” مختلفاً؟

 

قمة السخرية أن تكون مشكلة لبنان هي أن الأزمة واضحة والحل واضح، في حين أن الغموض طريق التسويات. والمؤلم أن ينطبق على تجربة السنوات الماضية قول مؤرخ عن قيصر روماني: “كان إمبراطوراً جيداً حتى تسلم المنصب”.