IMLebanon

انهيار السلطات حدث ولا حرج؟!

 

تبدو حال مجلس النواب في اسوأ ما يمكن تصوره، لاسيما انه عاجز عن انتخاب رئيس جمهورية، اضافة الى فشله في تشريع قانون جديد للانتخابات النيابية، ما يؤكد ان الانتخابات المقبلة ستجري على اساس قانون الستين المرفوض من الجميع، ومن غير ان يفهم منه انه يرضي اي فريق، بعد طول تجريح فيه، من دون ان يعني ذلك انه يلبي سوى مصلحة قلة قليلة من النواب، مع العلم ايضا ان مناداة الاكثرية بالقانون المختلط لا يعني بدورها سوى ارضاء فئة قليلة جدا من السياسيين ممن يجمع على المطالبة بالنسبية والاكثرية في وقت واحد (…)

المهم من وجهة نظر من يعرف نبض المجلس النيابي، ان مقاطعة جلسات اللجان النيابية تكاد تصبح حالا ميؤوسا منها، بعد انقطاع النواب المتكرر عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الى درجة اعتبار امور المجلس واقعة في اطار ما ليس منه بد، خصوصا عندما يقال مثلا ان السلطة التشريعية فقدت دورها السياسي من غير حاجة الى القول عن المجلس انه تخلى عن مهامه الى درجة اعتباره  سلطة فاقدة  الصلاحية والشرعية والدستورية في وقت واحد؟!

ماذا يقول نواب قوى ١٤ اذار عن حال المجلس والسؤال يجير الى قوى ٨ اذار طالما ان الاتهام موجه الى الجانبين في اطلاق رصاصة الرحمة على مؤسسة كانت تعتبر في صلب اساس الحكم الديموقراطي في لبنان، طبعا الى الوقت الذي فقدت فيه تأثيرها في مجريات السلطة التي تكاد تصبح صورة مشوهة عن النظام بمختلف مظاهره السياسية والحقوقية والادارية، اي ان التشتت الدستوري تحول تلقائيا الى ما يفهم منه ان لا مجال بعد اليوم لاصلاح الخلل من النوع السائد في طول لبنان وعرضه.

وما يصح قوله في هذا الصدد، هو سعي اكثر من طرف الى اسقاط الدولة بالضربة القاضية، تنفيذا لمآرب وغايات ومصالح خاصة، ليس فيها مصلحة لبنان الواحد الموحد الذي لم يعد احد يأتي على ذكر استقراره القائم على اساس استقراره السياسي الذي يتطلب اعادة نظرة شاملة في تركيبته الدستورية والسياسية في وقت واحد، لاسيما ان من يتطلع الى اعادة نظر في تنظيم المؤسسات يهدف الى واحد من امرين، ساد الظن لبعض الوقت ان الامور الخارجية باتت تتحكم بالوضع العام وليس من يسأل عن المصلحة العامة؟!

لقد سبق القول ان المرشحين لرئاسة الجمهورية اي رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون مطالب مع  نده النائب  سليمان فرنجية بأن يغيرا من سياستهما الداخلية والخارجية في آن، فضلا عن الاجماع الذي يقول ان مجالات تعافي البلد لم تعد واردة في حسابات اي طرف بقدر تركيز المعنيين على ما يخدم مصالحهم الخاصة، على رغم دوران الجميع في حلقة مفرغة!

اما الذين يستبعدون الوصول الى مرحلة تعافي لبنان، فانهم يعرفون قبل سواهم ان امورنا الداخلية قد وصلت الى مرحلة فقدان الذاكرة جراء الخلاف الناشب بين الجميع على السواء، لان من الصعب اعادة تصويب البوصلة السياسية نتيجة الانتخابات المغايرة لكل ما من شأنه تصحيح الخلل المهيمن على كل شيء نسبيا، بدليل عدم قدرة مجلس النواب على لعب دوره التشريعي الاساسي، كذلك الامر بالنسبة الى وضع الحكومة التي تحولت الى مجموعة حكومات غير قادرة على ان تلعب دورها كسلطة تنفيذية؟!

ازاء كل ما تقدم، لا تبدو السلطة التشريعية والتنفيذية في وضع يسمح لهما بانتاج اعمال يفهم منها حصول  اتجاه صحيح نحو لعب اوراق يمكن طرحها لوضع الامور في نصابها كي لا نقول ان المسؤولية في انهيار البلد تقع على الجميع، طالما ان الجميع لا يزالون يتناتشون السلطة على اساس ما تقدمه لهم من مصالح بمعزل عن كل ما من شأنه ان يلحق الاذى والمزيد من التفتت في السلطة وفي الواقع السياسي؟!

ولجهة ما يفهم منه. ان مساعي الخارج لرأب الصدع السياسي لم تفعل فعلها خصوصا ان جهود فرنسا  في هذا المجال  ظلت بلا نتيجة باعتراف جميع من التقوا الوزير الفرنسي الذي غادرنا على اساس ان يستوعب المعنيون خطورة تجاهل ملء الفراغ الرئاسي حتى من جانب من يفترض بهم القول  صراحة ان العلة اللبنانية مستعصية الحل، لعدم رغبة المعنيين بفهم واقع الحال السياسي الذي يؤثر على الجميع من غير ان يتأثر به اي طرف بشكل ايجابي.