Site icon IMLebanon

ثلاثة تحدّيات خطرة تقلق الأجهزة الأمنيّة زمن “الفراغ”: “داعش” والانفجار الاجتماعي – الأمني والخطر “الإسرائيلي”

واشنطن متورّطة بدفع البلاد الى “الفوضى الشاملة”..؟
جهازان أمنيّان يحذران من خروج الأمور عن السيطرة؟
تبدو التحذيرات الدولية من انهيار الوضع الأمني في لبنان مثيرة “للسخرية”، فالقلق من انفجار و”فوضى” في الشارع، لا يقابلها اي محاولة جادة لوضع لبنان على “سكة” انجاز الاستحقاقات الدستورية. كما تبدو قمة الوقاحة، اعلان مديرة “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور، خلال زيارتها إلى بيروت، إن الولايات المتحدة تعهدت بتقديم 72 مليون دولار مساعدات إنسانية للبنان بهدف المساعدة في “إطعام مئات الآلاف من اللبنانيين الذين يكافحون الأزمة الضارية التي تضرب البلد مالياً واقتصادياً ومعيشياً”، بينما لا تقوم بلادها باي خطوة تساعد في عملية الانقاذ، بل تحاول اغراق البلاد في المزيد من الازمات، وهو ما يجعل كلامها “مقززا” بانها تتأمل مع اللبنانيين كمجموعة من “الجوعى”… لا اهمية لما يقوله الاميركيون، تقول مصادر سياسية بارزة، بل ما يقومون به على ارض الواقع، وانطلاقا من هنا، فان ثلاثة اخطار جدية وداهمة تهدد الاستقرار الامني الداخلي، وتنذر بفوضى ستكون خارجة عن السيطرة.

اولى هذه المخاطر، ترتبط مباشرة بانهيار منظومة الامن الاجتماعي والاقتصادي، في ظل غياب اي حراك رسمي تجاه وقف الانهيار الاقتصادي الذي يتجه من سيئ الى الاسوأ. وثمة معلومات امنية لدى اكثر من جهاز معني بوجود تحضيرات تجري على “قدم وساق” لدى اكثر من حزب سياسي لتحريك الشارع في مستقبل غير بعيد تحت وطأة تفاقم الاوضاع الاقتصادية، وبدفع من سفارات غربية في بيروت. تزامنا مع وجود تحفيز دولي واقليمي للوصول الى هذه المرحلة، من خلال استخدام استراتيجة “التجويع” عبر اقفال “الابواب” امام اي محاولة جادة تساعد على اخراج البلاد من “النفق” المظلم.

وفي هذا السياق، لا تزال الرياض غير مهتمة بتقديم اي دعم مالي او اسثماري للبنان دون قبض “الثمن” السياسي اولا. فرنسا عاجزة عن القيام باي دور عملي نتيجة ضعف قدراتها وقوة تأثيرها في الداخل والخارج. فيما تؤدي واشنطن دورا سلبيا وتدفع الامور نحو “الهاوية”، وآخر مآثرها رفض قبول لبنان “هبة” الفيول الايراني، بعدما ابلغت السفيرة في بيروت دوروثي شيا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بان عملية قبول الفيول تخضع للعقوبات حتى لو كانت دون مقابل. كما لا تزال الادارة الاميركية “حجرة عثرة” امام تمويل البنك الدولي لاستجرار الغاز والكهرباء من مصر والاردن. وهذا يشير الى ان هذه القوة لن تترك الفرصة السانحة اليوم لمحاولة تغيير الوقائع السياسية في لبنان عن طريق اعتماد استراتيجية الضغط الاقتصادي.

ولعل ابرز دلائل التورط الاميركي جاء على شاكلة تحذيرات مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، من أن لبنان مفتوح على كل السيناريوهات، وهي “استنتاجات” مثيرة للسخرية، براي تلك الاوساط، لان بلادها متهمة اصلا بدفع البلاد نحو تلك السيناريوهات السيئة، وربما تكون قد فضحت من حيث لا تدري استراتيجة واشنطن حيال الساحة اللبنانية من خلال توقعاتها “بتفكك كامل للدولة”، واضطراراللبنانيين إلى تحمّل مزيد من الألم، دون ان تنسى التذكير باحتمال ان تفقد قوى الأمن والجيش السيطرة، وهو ما وصفته بالسيناريوهات الكارثية. وكان واضحا تحريضها على “الفوضى” من خلال قولها “نحن نضغط على القادة السياسيين ليقوموا بعملهم، ولكن لا شيء يؤثر مثل الضغط الشعبي، وعاجلاً أم آجلاً سيتحرك ذلك من جديد”!

اما الخطر الثاني، فيرتبط بعودة اشغال الداخل اللبناني بملف تنظيم “داعش” الارهابي، ولم يكن اعلان وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، عن توقيف ثماني خلايا إرهابية خلال العام الجاري مجرد صدفة، فهو كان يضع كل المعنيين امام مسؤولياتهم في ظل ارتفاع منسوب خطر عودة استخدام الساحة اللبنانية في “لعبة” امنية خطرةـ في ظل “الفراغ السياسي والدستوري في البلاد والمفتوح على ازمة اقتصادية غير مسبوقة. تجدر الاشارة الى ان هذه الخلايا ليست يتيمة، وكان اخطرها مجموعة تمكنت مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني من توقيفها، وهي مؤلفة من ثلاثة أشخاص كانوا يعدون لتنفيذ عمليات إرهابية في الداخل اللبناني تطال تجمعات في مناطق محددة لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا، وإحداث أضرار كبيرة، وكانوا قد وصلوا الى مرحلة التنفيذ. ووفقا للمعلومات، فان الخلية كانت بقيادة المدعو أيمن خوجة، وهو نزيل سابق في سجن رومية، أخلي سبيله في عام2021 وعاد خلسة عام 2022 الى لبنان، وهو مكلف تنفيذ تلك العمليات بالتعاون مع شخصين سبقاه الى بيروت. وتلفت تلك الاوساط الى ان اعادة استخدام ورقة التنظيمات الارهابية للتخريب في الداخل اللبناني ليست مجرد تخمينات، وانما نتيجة اقرار واعتراف عدد من المعتقلين بوجود اهتمام مستجد من قبل القيادة المركزية في “داعش” بالساحة اللبنانية، دون ان يقدموا اي تبريرات منطقية لذلك. ما يرجح وجود توظيف استخباراتي لهؤلاء في عمليات تتخطى في ابعادها العمل الميداني.

ويبقى الخطر “الاسرائيلي” ماثلا في كل مرحلة، ولكن الجديد الآن عودة عتاة المتطرفين الى الحكومة اليمينية. وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “اسرائيل اليوم الاسرائيلية” ان “التهديد الأول الذي سيشغل بال وزير الدفاع الجديد هو بالطبع الملف النووي الإيراني. لكن أحد اهم المواضيع المركزية التي تشغل بال “الجيش الإسرائيلي” هذه الأيام وضع الجيش البري، لانه ليس لامعاً، ويمكن ان يتعرض لنكسة في اي مواجهة مع حزب الله.

وبحسب الصحيفة، في المرة السابقة التي كان فيها “الجيش الإسرائيلي” غارقاً في مواجهة غزة والضفة الغربية نشبت حرب لبنان الثانية، ووصل إليها الجيش البري وهو صدئ جداً. واذا كان التقدير السائد في قيادة جهاز الأمن اليوم، هو أن حزب الله غير معني بمواجهة مع “إسرائيل”، ولكن كما هو معروف تنشب الحروب عامة بشكل مفاجئ، وسبق أن تبين لنا في السنوات الأخيرة أن “إسرائيل” وحزب الله يجدان نفسيهما بين الحين والآخر قريبين من المواجهة، حسب تعبير الصحيفة، التي تشير بوضوح الى ان “اليد” تبقى دائما على “الزناد” على الحدود الشمالية. وهو امر سيزادد حدة اذا حاولت حكومة بنيامين نتانياهو “العبث” باتفاق الترسيم.

في الخلاصة، تزداد التحديات الامنية حدة، ويصبح خطرها امرا واقعا يوما بعد يوم، واذا كانت الاجهزة الامنية مطمئنة حتى اليوم الى سيطرتها على الاوضاع ميدانيا، الا ان اي حدث مفاجىء وعلى مساحة جغرافية واسعة سيكون كارثيا، وقد يؤدي الى خروج الامور عن “السيطرة”، وهو امر حذر منه جهازين امنيين رئيسيين قبل مدة وزاد منسوب قلقهما قبل ايام قليلة ، خصوصا ان كل الحرص الدولي والاقليمي على عدم حصول الانهيار الشامل، لا يترافق مع اجراءات عملانية ، بل على العكس تعمل بعض الدول على زيادة منسوب التوتر، ودون حصول انفراج سياسي قريب. فان المخاطر تبقى مرتفعة جدا وتتجه الامور نحو الاسوأ.