IMLebanon

بعد وصول المعارضة السورية المسلّحة إلى حدوده الشرقية والشمالية.. لبنان يتحسّس رأسه: تكرار «حرب الجرود» أم ضغط سياسي؟

 

 

طرح انهيار النظام السوري بهذه السرعة وخلال عشرة أيام تقريباً أمام قوى المعارضة المسلحة المدعومة من الخارج، أسئلة كثيرة حول مصير سوريا مستقبلاً، وانعكاس هذا الزلزال السوري وارتداداته على لبنان وعلى منطقة الشرق الأوسط لاحقاً، لا سيما في ضوء المعطيات التي أشارت الى «استغناء» الدول الحليفة له كروسيا وإيران ودول أخرى عربية وأجنبية عنه، بعد الانفتاح الذي أبدته خلال السنوات الأخيرة الماضية، وتركه يواجه مصيره مع شعبه، وهو مؤشر على ان خريطة الشرق الأوسط الجيو-سياسية ستتغيّر فعلاً نحو تقسيمات جديدة، ولكن على ما يبدو وفق السيناريو الأميركي – الإسرائيلي، الذي بشّر به رئيس حكومة كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو قبل نحو شهرين، ووفق الخريطة التي أعدّها لسوريا بول بريمر الحاكم العسكري الأميركي للعراق بعد احتلاله، والتي بذرت بذور الطائفية في البلد وقسّمته الى أقاليم في إطار صيغة الفيدرالية، وأسّست لحكم ذاتي كردي بصلاحيات رئاسية توفّر كل أسس وركائز الاستقلال والانفصال لاحقا، أو وفق مخطط البريطاني برنارد لويس الموضوع منذ العام 2018.

وبغضّ النظر عن تفاصيل اليوميات السورية الأخيرة وأسباب وظروف انهيار النظام، فإن السؤال الأساسي الذي يُطرح، أي بديل سيكون للنظام، وأي ديموقراطية ستحكم سوريا، في ظل تعدّد الجهات السورية وتنوّع ارتباطاتها الخارجية وفق الانتماء الطائفي والقومي والمناطقي قبل السياسي، نظرا لتعدد القوميات والارتباطات؟. والسؤال الأهم أي مستقبل للبنان في ظل خريطة الشرق الأوسط الجديدة التي تُرسم برضى إقليمي ودولي لا يستطيع أحد تعديلها إلّا بمواجهات دامية ليس أوانها الآن ولا أحد بعد قادر على خوضها على الأقل في المدى المنظور؟

 

والغريب ان هذه الخرائط لتقسيم الشرق الأوسط كيانات متنازعة موضوعة منذ سنوات طويلة، وكان يتم التعاطي معها بإستخفاف أو بإمكانية نسفها نهائياً وتمّت مواجهتها فعلا فترة من الوقت، لكنها كانت «مضبوبة بالجوارير» لحين إخراجها بالوقت المناسب، ويبدو ان الوقت قد جاء فتم نفض الغبار عنها، وبدأت معركة إسقاط سوريا في الفوضى برغم كلام المعارضة أمس عن إقامة حكم مركزي ديموقراطي لكل المكونات السورية.

وقد بدأ لبنان يتحسّس رأسه. وبدأ سيل الأسئلة: هل هو موضوع على خريطة تشريح المنطقة أم أن له أسباباً مخفّفة نظراً لطبيعته السياسية وتركيبته الطائفية التي يحاذر الغرب المسّ بها خوفاً على مصير المسيحيين فيه؟ وهل تتمدد الفصائل المسلحة نحو المناطق اللبنانية وأغلبها كان للبنان معها تجربة مريرة في حرب الجرود البقاعية مع «جبهة لنصرة وأخواتها»؟ وهل يشكّل وجود المعارضة السورية المسلّحة عند حدوده الشرقية والشمالية نوعاً من الضغط السياسي عليه للقبول بما لم يكن يقبل به، لجهة ترتيب وضعه الداخلي بعد وقف الحرب الإسرائيلية عليه، والبدء بتنفيذ وقف إطلاق النار الهش حتى الآن والمخروق من قبل إسرائيل يومياً برضى أميركي وغربي فاضح؟ ولجهة فرض رئيس للجمهورية يتماشى مع المرحلة الجديدة التي سيتولى فيها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهامه في 20 كانون الثاني من العام المقبل، ويكون الشرق الأوسط قد استراح من الحروب والتوترات كما سبق وأعلن قبل وبعد انتخابه؟

 

ثمة أشهر قليلة مفصلية تتظهّر فيها صورة المنطقة وخريطتها وموقع لبنان شكلاً ومضموناً وسياسةً فيها، ولا بد من ترقّب نتائج عمل لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وترقّب نتائج مساعي التوافق لإنتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 9 كانون الثاني المقبل لمعرفة ما سيُفرض على لبنان بعد الذي جرى في سوريا وإقفال المعابر أمام تدفق السلاح إليه، كيف سيتصرف حزب لله؟ إذ أن الغموض يحيط بالوضع المقبل وبنوايا الأطراف المحليين والخارجيين.

وبرأي مصدر نيابي مستقل ومحايد وخارج المحاور، «فإن التركيبة القائمة في سوريا وبعض دول المنطقة منذ عشرات السنين قد انقلبت ودخلنا مرحلة جديدة، ويبدو ان سوريا بحاجة الى اتفاق طائف سوري – عربي ودولي لتشكيل نظام جديد يجمع كل الأطراف ويحفظ وحدة البلاد ومكوناتها واستقلالها كما حصل في لبنان». وقال المصدر لـ«اللواء»: أشك في نجاح مشروع بول بريمر في سوريا فالظروف والمعطيات التي كانت قائمة وقتها تغيّرت.

وأضاف: ولا بد أن يواكب لبنان هذه التطورات بالبحث الجدّي بين أطرافه السياسية وكل أطيافه في تطوير نظامه السياسي، حتى لا يتم فرض نظام جديد عليه لا يتوافق مع تركيبته وظروفه وأوضاعه ومصالحه، سواء بالفدرلة أو الكونفدرالية أو التقسيم المقنّع.