IMLebanon

لجنة الإعلام لتصويب المسار القضائي لفضيحة الإنترنت؟

يوسف يتعرض لوعكة صحية.. وحرب «لن يحمي أي موظف»

لجنة الإعلام لتصويب المسار القضائي لفضيحة الإنترنت؟

من الذي قرر سحب عبارة «الانترنت غير الشرعي» من التداول واستبدالها بعبارة «غوغل كاش»؟ ومن الذي يريد إخفاء أسماء المتورطين الكبار، وتوريط المستفيدين الصغار؟ مر شهران على الكشف عن الفضيحة، وحتى الآن لم يسقط أي اسم كبير. والأخطر أن مسار التحقيقات لا يشي بأن المتورطين الفعليين وداعميهم سينالون عقابهم. وعلى القضاء المعني أن يجيب على ما بدأ يتردد من معلومات تشير إلى أن المحققين يرفضون تسجيل أسماء أي من المتهمين الكبار في محاضر التحقيق. وعلى سبيل المثال، إذا كان التحقيق يجري مع أحد أصحاب الشركات الصغيرة، وقال الأخير إنه يشتري الانترنت من فلان، فإن فلاناً لا يدوّن اسمه في المحضر.

شهران مرا وعبّرا خير تعبير عن أن الخوف من التورية كان في محله. حتى اليوم كل الشبكات المكتشفة لقيطة، باستثناء صاحب شبكة الضنية. من يتم توقيفه على ذمة القضية هم موظفون أو أصحاب شركات صغيرة متعاقدة مع الشركات الكبرى التي تستجر الانترنت من الخارج. أما أصحاب المحطات، فأحرار بقوة القانون. لذلك، بدأ وزير الاتصالات يبدي قلقه من المسار الذي تسلكه التحقيقات ويستغرب عدم إجراء أي تدبير قضائي بحق أصحاب المحطات الذين سلّمت الوزارة للقضاء مستندات موقعة منهم وتثبت ملكيتهم للمعدات المستخدمة في المحطات.

اكتشف الجميع فجأة أن «أوجيرو» هي السرطان الذي ينخر عظم القطاع. قد يكون ذلك صحيحاً وقد لا يكون، لكن هذه قضية ليست مستجدة، وإخراجها من صندوق المحظورات السياسية في هذا التوقيت تحديداً لا يمكن أن يكون إلا مشبوهاً.

ما يُحكى عن تحويل رئيس «أوجيرو» إلى كبش فداء يتحول يوماً بعد يوم إلى أمر واقع. آخر تجليات القضية، ما تردد عن دعوة يوسف إلى الاستماع إليه في تهمة الإهمال الوظيفي. ولأنه لم يمثل بسبب وجوده خارج لبنان كثرت التحليلات والشائعات. لكن وزير الاتصالات يكشف لـ «السفير» أن يوسف كان في زيارة لعائلته في باريس، وقد أرسل إليه تقريراً طبياً يشير فيه إلى أنه تعرّض لأزمة قلبية استدعت إجراء عملية قسطرة له. وعليه، فإن يوسف طلب تمديد إجازته. أما بشأن الاستماع له، فيؤكد حرب أن الأصول تقضي بأن تتم مراسلة الوزير المعني والطلب منه الإذن بملاحقة أحد الموظفين، على أن يكون الطلب مرفقاً بنسخة عن التحقيقات. ويضيف: ما حصل أن الطلب أُرسل بدون نسخة عن التحقيقات، لذلك فقد تواصل مع المدعي العام التمييزي الذي استغرب بدوره عدم إرسال النسخة المطلوبة. وعليه، يوضح حرب أن الحديث عن تخلف يوسف عن الحضور لا أساس له من الصحة لأن المسار القانوني للاستدعاء لم يكتمل، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لن يغطي أي موظف، عندما يُستدعى بحصب الأصول القانونية، والقضاء وحده هو الذي يقرر إن كان متورطاً أم لا (الجلسة المقبلة في ١١ أيار الحالي).

سقطت مسارات التحقيق كلها وبقي المسار المتعلق بمسألة «غوغل كاش» وعبد المنعم يوسف، بالرغم من أن الوزير حرب أعلن تحمّله المسؤولية كاملة، من خلال قوله إنه أعطى الشركات هذه الخدمة مجاناً. هذا لا يعني وقف التحقيقات بهذا المسار، الذي يشمل «أوجيرو» وارتكاباتها، لكن في المقابل، لا بد أيضاً من استكمال المسار الثاني المتعلق بأصحاب شركات استجرار الانترنت من الخارج، والمسار الثالث المتعلق بمسألة الاعتداء على موظفي «أوجيرو» في الزعرور.

ثم ماذا عن الحريصين على السيادة؟ لماذا لم يعد أحد يهتم للخرق الإسرائيلي الذي أعلن عنه وزير الاتصالات جهاراً في 16 آذار الماضي. للتذكير أعلن وزير الاتصالات، وكلامه مسؤول، أن ما كشف من محطات يعتبر «من أخطر الاعتداءات على السيادة الوطنية وحقوق المواطنين وحق الدولة اللبنانية». أعلن أيضاً «أننا أمام حادث خطير جدا، بما يمثله من تهديد للأمن الوطني، لا سيما أن المعلومات المتوافرة تشير إلى ضلوع شركات إسرائيلية في تزويد محطات التهريب باحتياجاتها».

لا شك بأن وزير الاتصالات عندما تحدث كان يملك معلومات موثقة. لكن يبدو أن هذه المعلومات إما أنها لم تصل إلى القضاء، وهو أمر مستبعد، بعدما أعلن الوزير نفسه أنه حوّل كل الملفات إلى الجهات القضائية المعنية، أو أن القضاء قرر اعتبار ما تلقاه غير ذي قيمة والتغاضي عنه. المعطيات ترجح الاحتمال الثاني. وهنالك من يسأل: ماذا فعل القضاء بالتقارير التي تسلّمها من «أوجيرو»، والتي تتضمن اعترافات الأسماء الكبيرة بملكيتها للشبكات الأربع التي اكتُشفت في الزعرور، عيون السيمان، فقرا ـ باكيش والضنية؟ ولماذا تركز التحقيقات على تقرير مخابرات الجيش الذي يناقض كل تقارير «أوجيرو» ويحيّد معظم المتورطين بالملف؟ وأين أصبح تقرير قوى الأمن الداخلي، ولماذا لم يستجيبوا إلى الاستنابات القضائية الصادرة عن القاضي العسكري؟

تجربة الاعتداء على موظفي «أوجيرو» في الزعرور، التي تمت لفلفتها في القضاء العسكري، لا تبدو معزولة عما جرى بعدها. ثمة من قرر أن يجعل من القضاء متهماً، في سبيل حماية المتهمين الفعليين، لكن الأنكى أن القضاء قبِل هذا المسار، بالرغم من أنه كان بإمكانه مواجهة كل الضغوط من خلال التحصن خلف الدعم الذي يؤمنه له مجلس النواب، من خلال لجنة الإعلام والاتصالات ومجلس الوزراء من خلال وزارة الاتصالات.

بعد كل ذلك، يقول مرجع قضائي إن «القضية أعطيت أكبر من حجمها». وهذا بحد ذاته إعلان مسبق عن أن القضية لن تصل إلى الخواتيم المنشودة، أسوة بغيرها من ملفات الفساد. لكن في المقابل، ثمة من ما يزال مصراً على المحاسبة. لذلك، ثمة من يجزم بأن جلسة لجنة الإعلام ستعيد تصويب المسار اليوم، وسيكون الصوت فيها مرتفعاً في وجه المحاولة المكشوفة للّفلفة.