إنجاز الإنتخابات البلدية يُعطي دفعاً للإسراع في إجراء الإنتخابات الرئاسية
لكن الحق الدستوري يجب أن يبقى مُصاناً لرئيس الجمهورية في قانون الإنتخاب العتيد
إذا كانت الانتخابات البلدية والاختيارية قد أفرغت مبررات التمديد للمجلس النيابي من مضمونها وأعطت دفعاً للإسراع في إعداد قانون جديد للانتخابات النيابية، إلا أنه لا يمكن تجاهل مخاطر الفراغ الحالي، أو التعامي عن أن الشغور الرئاسي سيدخل أواخر الجاري في عامه الثالث، في ظل إصرار نواب «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» على كسر نصاب جلسات الانتخاب، بالنظر إلى هذه المخاطر جراء استمرار الشغور الرئاسي وانعكاساته على كل المؤسسات الدستورية والأمنية، ما يعني أن الأولوية برأي أوساط نيابية بارزة في «تيار المستقبل»، يجب أن تكون للاستحقاق الرئاسي وضرورة إنجازه في أسرع وقت وقبل التوافق على القانون الانتخابي العتيد، باعتبار أن هناك حقاً دستورياً لرئيس الجمهورية في رد هذا القانون، إذا لم يكن راضياً عنه، وهذا يفرض احترام ومراعاة هذا الحق لرئيس البلاد بعد انتخابه، وبالتالي عدم إقرار أي قانون قبل انتخاب الرئيس الجديد، ما يعني ضرورة تضافر الجهود، من أجل تأمين الظروف المناسبة التي تسمح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وإقناع المعطلين بعبثية قرارهم الذي أفرغ المؤسسات من دورها وشل عملها.
وتقول الأوساط لـ«اللواء»، إن فرصة الانتخابات البلدية والاختيارية، يجب استغلالها تمهيداً لإحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية القائمة منذ ما يقارب السنتين، بالتوازي مع النقاشات في اللجان النيابية المشتركة، للتوافق على قانون الانتخابات النيابية الجديد، مشيرة إلى أن «تيار المستقل» يؤيد كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري، بأن لا تمديد للمجلس النيابي الحالي، لكن الأولوية يجب أن تكون للانتخابات الرئاسية قبل الاستحقاق النيابي وليس العكس، كما يحاول النائب ميشال عون وحليفه «حزب الله» الذي لا يبدو مؤيداً، لا للانتخابات الرئاسية ولا النيابية، وإنما يريد استمرار الفراغ، بدليل أنه حتى لم يحضر إلى مجلس النواب لانتخاب حليفه النائب سليمان فرنجية رئيس «تيار المردة»، وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدل على عدم جديته في انتخاب النائب عون الذي دعمه اتفاق معراب لرئاسة الجمهورية، من دون أن يترجم «حزب الله» كلامه الإعلامي بدعم عون للرئاسة، نزولاً إلى مجلس النواب والاقتراع لمصلحته.
وتسأل الأوساط: لماذا يصبح مقبولاً انتخاب الرئيس بمن حضر في المجلس النيابي الجديد في حال جرت الانتخابات النيابية ومن غير المسموح انتخابه بالأكثرية المطلقة في المجلس الحالي؟ ولماذا لا يحصل الانتخاب بالنصف زائداً واحداً، لإخراج البلد من أزمته والتخفيف قدر المستطاع من المعاناة التي يعيشها اللبنانيون منذ سنتين، على وقع تزايد حدة الانقسامات السياسية والطائفية المرتبطة باستمرار الفراغ الذي يهدد بعواقب وخيمة لا يمكن مواجهتها، إلا بمزيد من التحصن خلف المؤسسات الدستورية وفي مقدمها رئاسة الجمهورية؟
وتشدد الأوساط على أن الرئيس الحريري لا زال على موقفه الثابت بترشيح النائب فرنجية للرئاسة الأولى، لأنه المخرج الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة، وهذا ما يوجب على الأطراف الأخرى، أن تلاقي رئيس «المستقبل» في منتصف الطريق، لإنقاذ البلد من حالة الانهيار والكف عن محاولات الفرض والتعيين التي لا يمكن القبول بها أو الموافقة عليها، لا من خلال النائب عون أو سواه، من دون إخفاء الشعور بالاستياء لدى الرئيس الحريري من نتيجة الانتخابات البلدية في بيروت وتخلي بعض الحلفاء المسيحيين عن الالتزامات التي قطعوها بالتصويت لـ«لائحة البيارتة»، الأمر الذي يحتاج إلى إعادة قراءة جديدة لطبيعة المسار السياسي الذي ستسلكه الأمور، في ما خص العلاقات مستقبلاً.