الكنيسة الأرثوذكسية مسالِمة.. ورفضت الحروب الصليبية
المجمع الأنطاكي: من زحلة.. إلى موسكو!
ينعقد المجمع الانطاكي المقدس في البلمند، اليوم، على وقع صخب متعدد الجبهات يبدأ من زحلة ولا ينتهي في قلب موسكو. فبلاد القيصر ترسم مشاركتها الحربية في سماء سوريا بالـ «سوخوي» على أنواعه، تزامنا مع تصريح صاروخي نسب الى بطريرك موسكو كيريل عن «الحرب المقدسة في سوريا». لبس كبير شاب هذا التصريح، خصوصا ان توضيحا أعقبه من المركز الأنطاكي الأرثوذكسي للاعلام في بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس ينفي فيه ما قيل. وهذا ما أسف له الكثير من اللاهوتيين على اعتبار ان التوضيح عمد الى حذف ما قيل سابقا «وهذا أسوأ».
ليس من المقرر ان تطرح هذه المسألة في اجتماع اليوم، أقله من ضمن جدول الاعمال. قد يبادر أحد المطارنة الى طرحها من خارج جدول الأعمال وقد يصار الى الاكتفاء بالتوضيح الكنسي السابق. لكن الأكيد ان المسألة أحدثت بلبلة في الوسط الكنسي بين مؤيد ومعارض. يتحدث أحد اللاهوتيين عن «جو عام في الكنيسة يميل الى التمييز بين الكنسي والسياسي. ففي السياسة لا تعطي الكنيسة رأيها، ولكن في الشأن الكنسي هناك ميل الى رفض إقحام الكنيسة بتعابير مقدس أو مقدسة، في اشارة الى ما يحصل في سوريا. فالحروب بطبيعتها ضد الكنيسة وضد التعليم المسيحي، ومن هنا الحرص على علاقات طيبة من كل الاطراف في سوريا وعلى عدم اقحام الكنيسة في أي دور للحرب الدائرة هناك».
يشدد أحد اللاهوتيين على ان «الكنيسة الانطاكية مسالمة، لا تحكم وليست كنيسة امبراطورية ولا دولة، وقدمت نموذج التعايش مع المسلمين على مدى 14 قرناً، وبالتالي لا تريد احداث أي شرخ مع المسلمين في صراع حول الله. خصوصا ان الضحايا في سوريا هم من المسلمين والمسيحيين. من دون اغفال ان الكنيسة الانطاكية أدانت الحروب الصليبية التي شنت تحت راية الصليب وما زالت الكنيسة الغربية تتحمل تبعاتها الى اليوم».
ومن موسكو الى زحلة. فعلى جدول الأعمال من المقرر ان يصار الى انتخاب مطران عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما، بعدما تلقى المجمع في حزيران الماضي رسالة من المطران اسبيريدون خوري يطلب فيها إعفاءه من رعاية أبرشيته بسبب عدم قدرته على متابعة عمله الرعائي بسبب الشيخوخة.
لا تبدو طريق الانتخاب هذا مزروعة بالورود. فتيار كبير من شخصيات روحية ومدنية أرثوذكسية «تزكي» اسم المعتمد البطريركي في روسيا المطران نيفون صيقلي ليكون مطرانا لأبرشية البلدتين. وقد سبق أن وجهت هذه الشخصيات، وفي مقدمها النائب جوزف معلوف ونائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي، دعوات صريحة بهذا الخصوص الى كل من البطريرك يوحنا العاشر يازجي والسينودس الأرثوذكسي. يستند هؤلاء في دعمهم للمطران صيقلي انه «عارف بشؤون البقاع الروحية والمدنية، ويتمتع بالمزايا والكفاءات المطلوبة والحزم لتولي رعاية الابرشية ويستطيع فرض احترامه على الجميع».
ولعل النقطة الجوهرية في هذا الدعم الارثوذكسي لصيقلي هو انه «ابن زحلة» كون الفعاليات الارثوذكسية تعتبر أن «هذا الاختيار هو ملك الابرشية وحق لها». هذا الحرص يأتي بمثابة الرد على تيار مقابل يحاول «الترويج» لأسماء مطارنة آخرين «ليسوا من أبناء المنطقة وليسوا حتى من لبنان»، على ما يقول متابعون لهذا الملف.
تساؤلات كثيرة تطوق هذا الملف وغيره من الملفات التي تطال الابرشيات من بيروت الى جبل لبنان، حيث يتساءل بعض المتابعين مثلا: متى سوف يسمح للمطران جورج خضر بالتفرغ الى التأليف لكي يمنح حقه في تقديم استقالته، ويمنح سواه من المطارنة حقهم في إدارة لجنة جبل لبنان لمطرانية الارثوذكس والتي تدار اليوم تحت اسمه ولكن ليس بإدارته؟