IMLebanon

تعقيدات ادارة التصعيد وادارة تخفيف التصعيد

الكبار يلعبون في سوريا وبها. وهي محكومة بأن تلعب دور مختبر التجارب الخطرة: تجارب الاسلحة، تجارب المشاريع الجيوسياسية، وتجارب الطابع الطائفي والمذهبي والاثني للصراعات الداخلية والاقليمية. الكرملين متفائل بحذر بعد محادثات وزير الخارجية سيرغي لافروف في واشنطن. والبيت الابيض متفائل جدا جدا. لافروف اعلن انه اعاد التأكد من ان الرئيس دونالد ترامب والوزير ريكس تيلرسون جماعة عمل لا كلام، ووصف الحوار معهما بانه خال من الادلجة التي مارستها ادارة الرئيس باراك اوباما. وترامب تصور انه بات يستطيع ان يطلب من الرئيس فلاديمير بوتين كبح جماح حكومة الاسد وايران ووكلائها.

لكن حرب سوريا اشد تعقيدا من الازمة السورية، واقل حجما من ملء مساحة الخلافات والتفاهمات في العلاقات الروسية – الاميركية. فضلا عن ان ادارة الحرب مهمة صعبة على روسيا واميركا والقوى الاقليمية. كذلك الامر بالنسبة الى ادارة التهدئة ضمن المناطق التي لم تعد وظيفة القتال ضرورية فيها. وليس من السهل على موسكو ان تأخذ واشنطن الى ابعد من دور المراقب في اجتماعات استانة التي قادت الى توقيع تركيا وايران مع روسيا مذكرة روسية التي تحدد مناطق تخفيف التصعيد ومناطق التصعيد الى جانب سوريا المفيدة. ولا من السهل ايضا على واشنطن ان تستأثر بالمنطقة المهمة شرق الفرات، بحيث تقنع موسكو بالبقاء خارجها، وتسلح القوات الكردية لخوض المعركة مع داعش، ولو غضبت تركيا الحليفة وصاحبة العضوية في الحلف الاطلسي.

ذلك ان اللعبة في مناطق تخفيف التصعيد ليست واحدة وان شارك فيها الكل. وهي، على تعدّد اللاعبين والأهداف فيها، تسليم واضح بأن التسوية بعيدة والبحث عن سوريا آمنة مشروع طويل. واللعبة في مناطق التصعيد ليست واحدة أيضا، وان كانت الحرب على الارهاب والقضاء على داعش وجبهة النصرة موضع اجماع في الخطاب.

أميركا تركز جهودها على تسليح القوات الكردية، ودعمها في تحرير الرقة عاصمة الخلافة الداعشية بعد الطبقة وصولا الى الحدود مع العراق لتحقيق مجموعة أهداف أبرزها قطع الهلال الشيعي. وتركيا الغاضبة من التصرّف الأميركي والرافضة لأي دور كردي، تبدو مستعدة للاندفاع نحو هذه المنطقة من تل أبيض. وروسيا تخطط لدعم الجيش النظامي في الزحف على دير الزور والميادين والبوكمال. وايران تعمل مع النظام وروسيا عبر الحرس الثوري والميليشيات لمنع أميركا من سدّ الطريق عليها بين العراق وسوريا وليس لبنان.

وليس أمرا قليل الدلالات ان تتحدث الأمم المتحدة عن مليون سؤال لديها حول تنفيذ مذكرة استانة، مع مطالبة موسكو لها بدعم المذكرة وتغطيتها بقرار في مجلس الأمن.