Site icon IMLebanon

مفهوم “الميثاقية” يكتمل بقانون جديد للانتخابات يحقق التمثيل الصحيح لشتى فئات الشعب وأجياله

مفهوم “الميثاقية” الذي يثير جدلاً اليوم، صار الاتفاق عليه بين رجال الاستقلال عام 1943 بأن تكون عرفاً يتم بموجبه توزيع مناصب السلطات الثلاث بحيث تكون رئاسة الجمهورية للموارنة ورئاسة مجلس النواب للشيعة ورئاسة الحكومة للسنّة، ولم يكرّس هذا التوزيع في الدستور كي يبقى باب البحث في إلغاء الطائفية السياسية تطبيقاً للمادة 95 مطروحاً.

وفي اتفاق الطائف صار تعزيز “الميثاقية” بنصوص دستورية جعلت توزيع المقاعد في مجلس النواب وفقاً للآتي:

أ – بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين.

ب – نسبياً بين طوائف كل من الفئتين.

ج – نسبياً بين المناطق.

وهذا التوزيع يبقى معمولاً به الى أن يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي.

أما بالنسبة الى الحكومة وتعزيزاً لـ”الميثاقية” أيضاً فإن المقاعد الوزارية تم توزيعها مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، على ألا ينعقد مجلس الوزراء إلا بحضور أكثرية ثلثي أعضائه (المادة 65) وذلك بغية الحؤول دون انعقاده بحضور أكثرية عادية من فئة واحدة أو طائفة واحدة ما يسيء الى جوهر الميثاق وروحه. وتأكيداً لـ”الميثاقية” حددت المادة 65 من الدستور 14 موضوعاً أساسياً تحتاج الموافقة عليها الى ثلثي أعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها وهي الآتية: تعديل الدستور، إعلان حالة الطوارئ وإلغاؤها، الحرب والسلم،التعبئة العامة، الاتفاقات والمعاهدات الدولية، الموازنة العامة للدولة، الخطط الانمائية الشاملة والطويلة المدى، تعيين موظفي الفئة الأولى وما يعادلها، إعادة النظر في التقسيم الاداري، حلّ مجلس النواب، قانون الانتخابات، قانون الجنسية، قوانين الأحوال الشخصية، إقالة الوزراء.

وإذا كان البعض لم يعد يرى أن عدد هذه المواضيع غير كاف وينبغي إضافة مواضيع إليها، فإن هذا يبحث عند الدخول في تعديل بعض المواد في الدستور.

لقد حرص الرئيس نبيه بري ورؤساء سابقون على ألاّ يعقد مجلس النواب جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية إلا بحضور الثلثين احتراماً لـ”الميثاقية” بحيث لا يكون في استطاعة فئة أو طائفة انتخاب من تريد رئيساً للجمهورية من دون مشاركة فئات وطوائف أخرى كي لا يعتبر عندئذ رئيساً غير ميثاقي بل رئيساً لكل لبنان ولكل اللبنانيين. كما حرص الرئيس بري على عدم عقد جلسة نيابية إذا لم تحضرها أكثرية تمثل كل المذاهب عندما تكون مخصصة لاقرار مشاريع مهمة وأساسية تحتاج الموافقة عليها الى أكثرية الثلثين وليس الى أكثرية عادية يستطيع حزب أو فئة أو طائفة تأمينها. وهذا الاحترام للميثاق الوطني حرص عليه قادة مسلمون ومسيحيون بحيث أنهم لم يوافقوا غير مرة على عقد جلسة بحضور فئة من دون أخرى.

وحرص دستور الطائف أيضاً على تحقيق المشاركة الوطنية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة تعزيزاً للميثاق وذك بربط تنفيذ عدد من المواد بالاتفاق بينهما مثل: افتتاح العقود العادية واختتامها، وصدور مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول استقالة الوزراء وإقالتهم، ودعوة مجلس الوزراء استثنائياً، ومشاركة رئيس الحكومة رئيس الجمهورية في توقيع المراسيم والقوانين.

ويدور الخلاف حالياً حول معايير “الميثاقية” بحيث لا يكون العدد وحده كافياً من دون النوعية. وهذا الخلاف لا حل له في رأي الرئيس حسين الحسيني إلا بقانون للانتخابات يعتمد النسبية والصوت التفضيلي، وعندها لا يعود في الامكان القول إن هذا النائب لا يمثل تمثيلاً صحيحاً إرادة الشعب لأنه فاز بأصوات مسلمين أو بأصوات مسيحيين. فهل يتوصل القادة الى اتفاق على قانون جديد للانتخابات يكون عادلاً ومتوازناً ويحقق التمثيل الصحيح لشتى فئات الشعب وأجياله كي لا يصير تمييز في تطبيق “الميثاقية” بين العددية والنوعية، أو يصير خلاف كما هو حالياً على معاييرها وذلك بالتمييز بين نائب يمثل ونائب لا يمثل. أما الجديد الذي دخل أخيراً على قواعد “الميثاقية” ومعاييرها وأخلّ بها فهو السلاح الذي تمتكله فئة في لبنان من دون أخرى، وأن يقرر حاملوه الحرب والسلم من دون الرجوع الى مجلس الوزراء الذي يتطلب اتخاذ قرار في شأنه موافقة أكثرية الثلثين، وأن يشارك هذا السلاح في حروب خارج لبنان بقرار من حامليه ومن دون الرجوع الى مجلس الوزراء كما ينص الدستور وكأنهم باتوا هم الدولة.

لذلك طالب الرئيس سعد الحريري بأن يكون سلاح “حزب الله” من ضمن السلة التي يطالب الحزب بالاتفاق عليها شرطاً لانتخاب رئيس للجمهورية، لأن بقاء السلاح مع حزب واحد من دون سواه هو خرق فاضح للميثاق والدستور. فالفقرة “ج” من مقدمته تنص صراحة: “لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية تقوم على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل”. وهذا معناه أن سلاح “حزب الله” غير ميثاقي لأنه يخل بالتوازن الداخلي وينعكس سلباً على الوحدة الوطنية والعيش المشترك والسلم الأهلي