IMLebanon

اعترافات الأمين العام..أوّل «غيث» التضحية بثلثي الشيعة

يبدو أن هذا الزمن، هو زمن الاعترافات عند «حزب الله» خصوصاً أن المعلومات التي تصل تباعا من سوريا حول الانتكاسات والخسائر التي يتكبدها الحزب على مدار الساعة، لم تعد بحاجة إلى أدلّة إذ ان جميعها يوثق بالصوت والصورة وآخرها الخسارة الفادحة التي تلقاها في ريف حلب.

أمس أقرّ الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله خلال اطلالته بمناسبة اربعين مصطفى بدر الدين، أنه عندما سيطر تنظيم «داعش« على الموصل والانبار وديالى وكركوك، اتصل به العراقيون ليطلبوا منه دعمهم بـ»الكوادر والقياديين»، وأن «نداء الاستغاثة هذا لو لم يُلبّ من العراقيين والايرانيين والحرس الثوري الإيراني وحزب الله، لكانت داعش في بغداد وبقية عواصم دار الخلافة الداعشية»، وهذا الاعتراف يُشكل سابقة خصوصا ان «حزب الله» لطالما أنكر طوال السنوات الماضية مشاركة عناصره في الحرب العراقية.

وفي ظل عدم تمكن «حزب الله» من اخفاء حقيقة ما يجري في سوريا وتحديداً لجهة العناصر الذين يسقطون مع كل «طلعة شمس»، لجأ نصرالله الى الاعترف ولو بجزء من الحقيقة وهي أن «هناك 26 عنصرا للحزب سقطوا منذ اول حزيران ولغاية اليوم 24 حزيران في حلب، وعنصر أسير وآخر مفقود»، وهذا الاعتراف يأتي في سياق مصارحة جمهوره الذي اصبح ينظر الى قيادة الحزب على أنها تُخفي عنه الحقائق خوفاً من تعاظم الاحتجاجات أو الوصول الى قرار يمكن ان يمنع من خلاله الاهالي أبناءهم من الالتحاق بجبهات القتال في سوريا، وهو أمر حصل أكثر من مرة سواء في الجنوب او البقاع او الضاحية الجنوبية.

وعود نصرالله السابقة بالتضحية بثلثي الطائفة الشيعية من أن اجل يعيش الثلث المُتبقي بـ»كرامة»، يبدو أنها سلكت طريقها الى التنفيذ. فبالأمس أعلن أنه «سيزيد من حضور حزبه في حلب والمطلوب أن يحضر الجميع لأن المعركة الحقيقية هناك«. وهنا ربما تستوجب مجموعة من الأسئلة عن اسرائيل والحروب التي خاضها الحزب معها ودفع فيها أكثر من ثلاثة آلاف شهيد وجريح، فهل هذه الحروب لم تكن حقيقية؟ وهل الشهداء الذين دفعوا حياتهم من أجل أرضهم وكراماتهم، قد سقطوا في غير مكانهم الفعلي؟ وهل كل هذه الأمور تستوجب اعتماد فرز جديد ودقيق وشرعي ربما، لمعرفة من هو الشهيد الحقيقي منذ انطلاق العمل العسكري في «حزب الله«؟

بكل تأكيد أنه ومن خلال كلام نصرالله بالأمس، يُمكن التلمس بأن هناك قرارا ايرانيا بزج شيعة لبنان عامة في الحرب السورية وحروب كل المنطقة، وقد بدأ «حزب الله» بالترويج لهذا المفهوم من خلال جعله الشيعة يشعرون بأنهم أصبحوا مستهدفين في مناطقهم ومنازلهم وأن ما يمنع عنهم هذا الاستهداف، هو فقط نزولهم طوعا إلى الحرب في سوريا، وإلا فان الموت سيُلاحقهم، وما يزيد من هذا الاعتقاد، هو استعداء نصرالله أمس جميع الدول العربية وفتح النار على أنظمتها بالإضافة إلى اتهامها بالخيانة وكأنه أراد أن يضع أبناء طائفته في مواجهة محيطهم العربي وأن لا يُبقي لهم باباً مفتوحاً سوى الباب الفارسي.

يشعر «حزب الله» اليوم أنه أصبح محشوراً ومأزوماً أكثر من أي وقت مضى وهو الذي بات مكشوفاً في معظم أماكن تواجده على الساحة العربية. منذ اسبوعين فتح الحزب لعناصره باب الالتحاق بالجبهة اليمنية تحت مُسمى «طلب حر»، أي أنه لا يُلزم أيا منهم بالذهاب إلى هناك، لكنه في الوقت نفسه قرّر رفع رواتب العناصر التي ترتضي الذهاب الى اليمن كتشجيع منه على ملء الإستمارات والقبول بالتوجه إلى هناك، وقد لاقى هذا الخيار قبولاً واسعاً في صفوف عناصر الحزب وكوادره. 

ليس بجديد على نصرالله أن يُعلن عن دعم ايران لا العسكري ولا المادي لحزبه، لكن المستغرب هو ان يعترف بأموال تأتيه نقداً لا عن طريق المصارف ولا بمعرفة الدولة، وهو أمر يُناقض سياسة الحزب وطرق تمويله، وإلا يُمكن أن توضع عملية التمويل من أساسها في خانة تبييض الأموال، وهذا يعيد «حزب الله» الى نقطة صراعه مع الدول التي تُكافح هذه الإرتكابات والمخالفات والتي على أساسها تم إدراج «حزب الله» على قائمة الإرهاب ووضع مؤسساته «الإنسانية» و»الإجتماعية»، في الخانة نفسها.