Site icon IMLebanon

الصراع بين الأحزاب المسيحية يبلغ ذروته

 

شكّل الاحتفال بالذكرى الـ37 لاغتيال رئيس الجمهورية الراحل بشير الجميل مناسبة جديدة لترسيخ الانقسام في الصف المسيحي بعد احتدام السجال بين «القوات» و«الكتائب» على خلفية المواقف التي أطلقها النائب سامي الجميل خلال الاحتفال واستدعت ردودا عنيفة من وزراء ونواب «القوات». ويأتي الخلاف المتجدد بين الطرفين ليضاف الى سلسلة الخلافات بين الأحزاب المسيحية التي يبدو انها ترى مصلحة لها باستمرار الوضع على ما هو عليه اذا لم نقل بتصعيد التوتر في ما بينها كل فترة، في وقت تسعى الى تنظيم المشاكل وضبطها مع الأحزاب الأخرى.

 

وكان النائب سامي الجميل اعتبر في خطابه في ذكرى اغتيال بشير الجميل، مصوبا بشكل مباشر باتجاه «القوات» ان «بشير ما كان سلم قرار الدولة وانتخب من لا يؤمن بسيادة لبنان، ودخل بمنطق المحاصصة، مقابل كراسي من «كرتون» وتخلى عن القضية؟» مشددا على أنه لا يمكن أن تكون «مقاوما ومساوما ومحاصصا ومستسلما». وجاءت الردود القواتية بحجم الهجوم الكتائبي وتولاها بشكل خاص الوزير ريشار قيومجيان والنائب فادي سعد. واعتبرت مصادر قواتية أن «آخر ما تريده القيادة في معراب افتعال سجال مع الكتائبيين لكن يتبين انهم يتقصدون مهاجمتنا عند كل محطة لتحقيق شعبية معينة مفقودة في الشارع المسيحي بعدما أيقنوا ان جمهورهم تناقص الى حدود غير مسبوقة نتيجة السياسات الخاطئة المتواصلة لرئيس الحزب». وتضيف المصادر: «اذا هاجمونا نهاجمهم، فلن نقبل ان يسوقوا الاتهامات ضدنا ولا نستخدم حق الرد… لكن الأمور باتت مكشوفة لكل اللبنانيين ولا تستدعي الكثير من الأخذ والرد».

 

ولا يقاتل حزب «القوات» على جبهة واحدة، اذ يركز سلاحه الثقيل على الجبهة التي قرر أن يعيدها الى نشاط أخيرا وهي جبهته مع «التيار الوطني الحر»، بعدما تولى رئيسه سمير جعجع شخصيا اطلاق عدد من الرصاصات عبرها خلال قداس شهداء القوات. ولا تخفي هنا مصادر «القوات» أن «القرار اتخذ بتفعيل المواجهة مع «الوطني الحر» من منطلق ان الاستمرار في المسايرة لم يعد ينفع وان المطلوب التصدي العلني والمباشر لكل الارتكابات وبخاصة للسياسة العونية المتبعة باقصاء وتحجيم الفرقاء المسيحيين لفرض رئيس «التيار» جبران باسيل نفسه القائد المسيحي الأوحد لتكون كلمته هي حصرا المسموعة وليضع يده على كل الحصص المسيحية في الدولة».

 

وكان باسيل في اطلالته الأخيرة رمى الكرة في ملعب «القوات» معلنا انه يتمنى العودة الى روحية اتفاق معراب «ولكن سمير جعجع لا يريد»، لافتا الى ان الاخير «يفضّل ان يمارس حالاً من المعارضة العنيفة للحكومة». وكذلك الحال بما يرتبط بعلاقته برئيس «المردة» سليمان فرنجية حين قال ان «لا سبب لان تكون العلاقة سيئة مع الوزير فرنجية» متمنيا ان تصطلح الامور «ولكن لا تجاوب من جانبه حتى الآن».

 

وتعتبر مصادر «الوطني الحر» أن «قيادة التيار تمارس اللعبة السياسية باتقان، فيما يكتفي باقي الفرقاء المسيحيين بـ«النق» والشكوى بدل أن يتقنوا اللعبة مثلنا» مضيفة: «نحن بالنهاية لسنا كاريتاس نوزع عليهم الهدايا. فما وصلنا اليه وصلنا له بالكثير من الكد والتعب والاجتهاد، ولسنا أكبر كتلة نيابية ووزارية بالحظ انما نتيجة مشوار سياسي طويل أثبت نجاح خياراتنا».

 

بالمقابل، تستهجن مصادر مسيحية الحالة التي وصلت اليها العلاقات بين الأحزاب المسيحية، «فبدل أن نكون السباقين في التلاقي نرى اننا السباقون في الخصام وافتعال المشاكل والسجالات»، لافتة الى ان «المرجعية المسيحية الاولى اي بكركي لا تقوم بأي مبادرات حاليا لجمع الفرقاء من منطلق انهم لا يظهرون اي نوايا ايجابية في هذا المجال، وكأن كلا منهم يجد مصلحته بتعميق الخلاف مع الآخر سواء لأن ذلك يحقق له مزيداً من الشعبية او لأن القادة المسيحيين بدأوا معركتهم الرئاسية باكرا جدا، وكلهم يعتبرون أنفسهم مرشحين للرئاسة ويرون في الآخرين منافسين شرسين لهم يسعون لاقصائهم وتحطيمهم قبل سنوات من موعد الاستحقاق».

 

اذا نحن على موعد مع مسلسل طويل من السجالات والخلافات المسيحية – المسيحية حتى موعد الانتخابات الرئاسية في العام 2022، فمن يكون بين باسيل وجعجع وفرنجية صاحب النفس الأطول والسياسات الأجدى بايصاله الى قصر بعبدا؟ وكيف تنعكس هذه الخلافات على مشهد التحالفات على الصعيد الوطني خاصة ان كلمة باقي الفرقاء كما الخارج هي الحاسمة دائما في الكباش الرئاسي!