Site icon IMLebanon

الصراع في لبنان لم يعد حول قانون الانتخاب…

لنتوقف عن خداع أنفسنا وخداع الناس. لم يعد ما يجري اليوم بين بعض المكونات السياسية هو صراع حول قانون الانتخاب بطهارة وطنية، وانما تحوّل الى اقتتال سياسي في معركة تكسير رؤوس بطابع شخصي، ولكن تحت عنوان قانون الانتخاب! وهذا التحوّل هو الذي ينطوي على أفدح المخاطر ويهدّد الوطن بالوقوع في الهاوية، عندما يكون الصراع على حافتها له طابع التحدّي الشخصي، وليس الخلاف السياسي أو العقائدي! وهذا التحوّل يحدث اليوم نتيجة فطريات سلوكية حملها معهم بعض الوافدين الجدد الى أندية الحكم والسلطة، وضرب بخار الغرور في رؤوسهم، بعد تخرّجهم من مقولات مثل: أنا أو لا أحد! ولا عجب في ذلك، إذ غالبا ما تخرّج المدارس الفكرية والسياسية السامية، الكثير من العباقرة، كما الكثير من مسوخ الفكر والسياسة!

ظهر في لبنان مصلحون وقادة سياسيون شامخون بفكرهم الوطني، وجاذبيتهم

الشعبية، واختراقهم للطوائف في نظام طائفي مثل النظام اللبناني، ومن هؤلاء الإمام موسى الصدر ورفيق الحريري وكمال جنبلاط والعماد ميشال عون، وذلك على سبيل المثال لا الحصر. وسيستمر تراث هؤلاء الزعماء وتأثيرهم في مجتمعهم ايجابا، بقدر ما يلتزم برسالتهم كل أولئك الذين حملوا راية القيادة من بعدهم. ومثل أولئك القادة من الآباء هم من بين الذين حملوا البابا يوحنا بولس الثاني على القول ان لبنان أكثر من وطن انه رسالة. وهذا هو الإرث العظيم الذي يقع على عاتق السياسيين اليوم، لا سيما من هم في سنّ الشباب، وأتاحت لهم ظروفهم العمل تحت قيادة بعض هؤلاء الآباء بفكرهم الوطني في ظلّ النظام الطائفي وكانوا المنارات المضيئة على هذا الشاطئ اللبناني، في هذا المشرق العربي.

ضمانة اللبنانيين كشعب متنوّع ومتحضّر وذكي وخلاّق، أن يحتفظوا بوحدتهم وتماسكهم حتى عندما يهتز العالم بوصول نماذج غريبة من الحكام في الدولة الأعظم مثل الولايات المتحدة الأميركية، وحتى عندما يعمّ لهيب الحرائق أرجاء المنطقة. وهناك نماذج حكم في العالم وحتى في الدول العظمى والأعظم، غير جديرة بالاستنساخ، ومنها بل وعلى رأسها النموذج الأميركي ممثلا في شخص دونالد ترامب وابنته وصهره…