IMLebanon

صراع أنقرة وطهران ومسؤولية الأكراد

في وقت سابق هددتْ أنقرة بأنها ستدخل مدينة سنجار هذا الربيع إذا لم تتمكن القوات الكردية الصديقة لها من إخراج «حزب العمال الكردستاني» من المدينة، التي تمدد فيها منذ أنْ ساعد الأقلية الإيزيدية في العراق حين اجتاح «داعش» المنطقة في 2014، ليساعد بعد ذلك الحزبُ في تشكيل «وحدات حماية سنجار» العراقية. ولا تبدو مريحةً لأنقرة نتيجةُ المواجهات التي دارت بداية هذا الشهر بين قوات «وحدات حماية سنجار» وقوات البيشمركة السورية «روج آفا» (المقربة من الديموقراطي الكردستاني برئاسة مسعود برزاني). وعدم ارتياح أنقرة ربما ينمّ عن إدراكٍ متأخرٍ لتراجعِ مكانة برزاني وتراجع قدرته على ضبط كثير من خيوط اللعبة الكردية المتشابكة. هذا يحسم من أوراق حليفته أنقرة، وهي ترى «العمال الكردستاني» يتجاوز منذ زمن عزلته في جبال قنديل، ويوسّع حضوره في إقليم كردستان، ويركّز نفوذه في نقاط استراتيجية تربط سورية بالعراق، حيث ستكون خسارة حلفاء أنقرة لسنجار فشلاً لمساعي الربط بين «روج آفا» وكردستان العراق.

وتعاظم أدوار «العمال الكردستاني» يكمن في أنّ تحالفه مع «الحشد الشعبي»، ومن ورائه طهران، مفيد للأخيرة الطامحة في معبرٍ استراتيجي بين العراق وسورية يُمكّنها من تأمين الإمدادات لحلفائها وجنودها من دون المرور بأربيل، التي أبدت الرفض مراراً في أن تكون ممراً لطهران نحو سورية. لذا، قد تكون تلعفر ساحة يؤدي فيها «العمال الكردستاني» دوراً طموحاً في الصراع على الجغرافيا بين أنقرة وطهران. فالأولى، لم تُسقط هدفها الكبير من تعزيز تحالفها مع إقليم كردستان ومن «درع الفرات» ومن الصراع على الانخراط في معركة الرقة، والموصل سابقاً، والمتمثل في تفتيت «الجغرافيا الكردية المعادية» وتقطيعها ومنع تواصلها. وستكون خسارة أنقرة مضاعفة، كما قلنا، إن لم تنجح في تأمين «تواصل الجغرافيا الكردية الصديقة» التي تصل «روج آفا» بكردستان العراق.

أما طهران فعينها على «الجغرافيا الضامنة وصولَ الدعم والإمدادات» للشركاء والوكلاء، ولن تُوقف ترغيبها للسليمانية بإنهاء اعتماد الأخيرة على الأنبوب النفطي التركي، عبر التوجّه لمشروع إيراني يستهدف نقل نفط كركوك من خلال الأراضي الإيرانية. يكرهُ الأكرادُ، وهذا حقهم، أنْ يُوصفوا بـ «بيادق» في إطار اللعبة الإقليمية والدولية، لكنّ ثمة مسؤولية قوية على القيادات والنخب الكردية، للحيلولة دون ضياع تضحياتهم ونضالهم لنيل حقوقهم، ولعل في صُلب مسؤوليتهم منعَ أنْ تُعيد المعطيات المذكورة آنفاً، إن صحّتْ ووقعتْ، «حرب الإخوة الأعداء» الأكراد، التي نشبت في سياق الصراع على رسوم النفط وعائداته في التسعينات، وهي قد تنشب اليوم لما هو أكبر من ذلك، في ظل سيولة الخرائط… وعبور الصراع الكردي – الكردي أكثر من بلد واحد.