Site icon IMLebanon

الرئيس الحائر… في البيت الأبيض!

 

لم تشهد الولايات المتحدة الأميركية اهتزازا وتضاربا في سياستها الخارجية في تاريخها الحديث، بقدر ما تشهده اليوم في عهد رئيسها دونالد ترامب. وقد خرق هذا الرئيس التقليد القائل بأن المائة يوم الأولى من عهده تعطي صورة واضحة عن توجهاته، إذ وبعد مرور نحو عام على انتخابه انتخب ٢٠/١/٢٠١٧، لا يزال الرئيس حائرا ويحيّر معه كبار السياسيين والمسؤولين في أميركا وفي العالم أيضا! وعيّن عديدين في مراكز حسّاسة في الدولة ثم عاد وأصدر قرارات بابعادهم عن مناصبهم، وكان آخر الخارجين من البيت الأبيض كبير مستشاريه صهره جاريد كوشنير وزوجته ايفانكا ابنة ترامب! والرئيس لم يتمكن حتى اليوم من انجاز مهمة التعيينات الكبرى في ادارته…

 

***

ليس هذا سوى قليل من كثير، أو غيض من فيض كما يقال في التراث العربي. لم ينتخب ترامب رئيسا لأنه من كبار الأثرياء ورجال الأعمال، بل لأنه انتهج في حملته الرئاسية أسلوب الاثارة، ومعظم ما يفعله ترامب اليوم في الداخل الأميركي هو السير على خط أوباما باستيكه على حدّ التعبير المصري! أي يعمل بممحاة لازالة آثار أوباما في المجتمع الأميركي من أوباما كير والعناية الصحية، الى سياسته الخارجية وعلى رأسها الانغماس الكلي في الاندماج مع سياسة اسرائيل والصهيونية العالمية!

***

تدفع المنطقة العربية بصفة خاصة والشرق الأوسط بصورة عامة، الثمن الباهظ لهذا الارتجاج في السياسة الخارجية الأميركية، الذي يؤدي الى إشعال المزيد من الحرائق، واشغال الجميع بكوارثهم المتعاظمة، لخلق ما يكفي من المشاغل والهموم لصرف النظر عن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس كمقدمة لفرض مشروع تصفية القضية الفلسطينية لمصلحة اسرائيل! وحتى عندما خطط ترامب لهذه السياسة لم يذهب تفكيره كرجل أعمال الى أبعد من وصفها ب صفقة القرن! وبينما كان كبار المسؤولين المقرّبين منه من عسكريين ومدنيين يقولون ان تصفية داعش والارهاب تحتاج الى عشرين سنة، كانت الصدمة بأن تصفيتهما في العراق وسوريا تمت في وقت أقصر بكثير… والرئيس الحائر يزداد حيرة في هذه الظروف التي قلبت حسابات الحقل والبيدر!