IMLebanon

إقتراحات تعديل الدستور تحتاج إلى حكومة

 

بعد مرور قرابة الشهر تقريباً (في 6 تشرين الأول) على طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري وكتلة “التنمية والتحرير” التي يرأسها، لإقتراح تعديلات دستورية ترتبط بإنشاء مجلس الشيوخ ودوره الوارد في المادة 22 من الدستور وإقرار قانون إنتخابي لمجلس النواب خارج القيد الطائفي، وبعد مرور نحو أسبوعين على إعلان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في ذكرى 13 تشرين عن إقتراحات لتعديل بعض مواد الدستور، أعلن يوم الجمعة النائب جورج عطا الله مع زميليه أدي معلوف وسليم عون، من مجلس النواب، عن التقدّم بإقتراح قانون باسم تكتّل “لبنان القوي”، يرمي إلى تعديل المادتين 53 (الفقرة 3 ) و64 (الفقرة 2) من الدستور، بتحديد مهلة شهر للدعوة الى الإستشارات النيابية، وشهر لتشكيل الحكومة.

 

وبمعزل عن الحيثيات والأسباب الموجبة التي شرحها عطا الله لجهة الغاية من هذا التعديل الدستوري، فإنّ ابرز الأسئلة: هل الظروف الحالية مناسبة لطرح أي تعديل دستوري ومناقشته؟ وماذا عن إقتراح التعديلات الدستورية الذي أعدّته “التنمية والتحرير” حول إنشاء مجلس الشيوخ ودوره، ومن ضمن التعديلات أيضاً تحديد مهلة شهرين لرئيس الحكومة المكلّف تشكيل الحكومة؟ وماذا عن الآلية الدستورية التي يجب أن يسلكها أي إقتراح لتعديل الدستور؟

 

بداية، لا بدّ من التذكير بأنّ الآلية المحدّدة في الدستور لإجراء أي تعديل واردة في المواد 76 و77 و78 و79. فالمادة 76 تقول: “یُمكن إعادة النظر في الدستور بناءً على إقتراح رئیس الجمهوریة، فتقدّم الحكومة مشروع القانون إلى مجلس النواب”.

 

أمّا المادة 77 فتقول: “یمكن أیضاً إعادة النظر في الدستور بناء على طلب مجلس النواب، فیجري الأمر حینئذ على الوجه الآتي: یحقّ لمجلس النواب في خلال عقد عادي، وبناء على إقتراح عشرة من أعضائه على الأقلّ، أن یبدي إقتراحه بأكثریة الثلثین من مجموع الأعضاء الذین یتألّف منهم المجلس قانوناً بإعادة النظر في الدستور. على أنّ المواد والمسائل التي یتناولها الإقتراح یجب تحدیدها وذكرها بصورة واضحة، فیبلغ رئیس المجلس ذلك الإقتراح إلى الحكومة، طالباً إلیها أن تضع مشروع قانون في شأنه، فإذا وافقت الحكومة المجلس على إقتراحه بأكثریة الثلثین، وجب علیها أن تضع مشروع التعدیل وتطرحه على المجلس خلال أربعة أشهر، وإذا لم توافق، فعلیها أن تعید القرار إلى المجلس لیدرسه ثانیة، فإذا أصرّ المجلس علیه بأكثریة ثلاثة أرباع مجموع الأعضاء الذین یتألّف منهم المجلس قانوناً، فلرئیس الجمهوریة حینئذ إمّا إجابة المجلس إلى رغبته، أو الطلب من مجلس الوزراء حلّه وإجراء انتخابات جدیدة في خلال ثلاثة أشهر، فإذا أصرّ المجلس الجدید على وجوب التعدیل وجب على الحكومة الإنصیاع وطرح مشروع التعدیل في مدّة أربعة أشهر”.

 

وبينما تحدّثت المادة 78عن أنّه “إذا طرح على المجلس مشروع یتعلّق بتعدیل الدستور، یجب علیه أن یثابر على المناقشة حتى التصویت علیه قبل أي عمل آخر… جاءت المادة 79 لتُحدّد آلية اجتماع المجلس، إذ لا یمكنه أن یبحث في أي مشروع يتعلّق بتعديل الدستور أو أن یصوت علیه، ما لم تلتئم أكثریة مؤلفة من ثلثي الأعضاء الذین یؤلفون المجلس قانوناً، ویجب أن یكون التصویت بالغالبیة نفسها…”.

 

ويتّضح مِمّا تقدّم أنّ أيّ إقتراح لتعديل الدستور يحتاج أولاً الى أن يكون مجلس النواب ضمن عقد عادي، وهذا متوفر الآن، ومن ثم يحتاج إلى وجود حكومة فاعلة وليس تصريف أعمال كي تتبنّى مشروع التعديل وتحيله إلى مجلس النواب، وهذا طبعاً غير متوفر حالياً. ويرى الوزير السابق والمحامي والخبير الدستوري زياد بارود أنّه “لا يوجد أي رابط منهجي بين إقتراحي تحديد المهل لتأليف الحكومة وإنشاء مجلس الشيوخ، سيّما وأنّ إنشاء مجلس الشيوخ يحتاج إلى تطبيق المادة 22 من الدستور التي تحدّثت عن إنشاء هذا المجلس مع تشكيل أول مجلس نيابي وطني خارج القيد الطائفي”. ويقول بارود لـ”نداء الوطن”: “هناك ثغرات في الدستور لها علاقة بإنتظام الحياة السياسية وفي القانون الدستوري، هناك مفهوم المهل المعقولة وهو مفهوم قائم بذاته، بمعنى أنهّ إذا لم تكن هناك مهل محدّدة بموجب النص، يجب أن يحصل الإجراء ضمن المهل المعقولة، وهنا المقصود مهلة تشكيل الحكومة، ويأتي إقتراح تكتّل “لبنان القوي” ضمن هذا المفهوم بالنسبة لتحديد المهلة ضمن النص وفترة الشهر منطقية ومعقولة”.

 

تبقى الإشارة أخيراً إلى أنّه جرت محاولة عامي 2009 و2010 بشأن إنشاء مجلس الشيوخ، وتمّ التداول بفكرة أن يجري الأمر بالتزامن مع دورة أولى لمجلس النواب مناصفة لكي يطمئن قادة ومرجعيات الطوائف، ثمّ يتمّ الإنتقال بعدها إلى مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، ولكن الفكرة لم تُترجم بالرغم من موافقة المرجعيات السياسية عليها حينها.